تَجْلُوهُ ذَاتُ توحُّدٍ ومَثَانِي
وَأبَى سِوَاهُمْ ذَا وقالَ: ((مَظَاهِرٌ
287
لَكِنْ مَظَاهِرُهُ بِلاَ حُسْبَانِ)).
فالظاَّهِرُ المجْلوُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ
288
مَا ثَمَّ غَيرٌ قَطُّ فِي الأعْيَانِ
هَذِي عِبارَاتٌ لَهُمْ مَضْمُونُهَا
289
جِنٍّ ولاَ شَجَرٍ وَلاَ حَيَوَانِ
فَالقَومُ مَا صَانُوهُ عَنْ إنْسٍ وَلاَ
290
وَادٍ وَلا جَبَلٍ وَلاَ كُثْبَانِ
كَلاَّ ولاَ عُلْوٍ وَلاَ سُفْلٍ وَلاَ
291
وَلا رِيحٍ وَلاَ لَونٍ مِنْ الألْوَانِ،
كَلاَّ وَلا طَعْمٍ وَلاَ صَوْتٍ
292
ـمَشْمُومُ والمْسمُوعُ بالآذانِ،
لَكِنَّهُ المطْعُومُ والمَلْمُوسُ والْـ
293
ـمَذْبوحُ بَلْ عَينُ الغَوِيِّ الزَّانِي.
وكذَاكَ قَالُوا إنَّهُ المْنكُوحُ والْـ
294
دِينُ المجُوسِ وعَابِدِي الأوْثَانِ؛
والكُفْرُ عِنْدَهُمُ هُدَىً وَلَو انَّهُ
295
ضَلُّوا بِمَا خَصُّوا مِنَ الأعيَانِ
قَالوا: ((وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وإنَّمَا
296
معْبُودَةٌ مَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ
وَلَوَ انَّهُمْ عَمُّوا وقالوا كلُّهَا
297
ـخْصيصِ عِنْدَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي))
فالكُفْرُ سَتْرُ حَقِيقَةِ المعْبودِ بِالتَّـ
298
(أنَا رَبُّكُم) فِرْعَوْنُ ذُو الطُّغْيَانِ
قَالُوا: ((وَلَمْ يَكُ كافِراً فِي قَولِهِ
299
ـنَ الحَقِّ مُضْطَلِعاً بهذَا الشَّانِ؛
بَلْ كَانَ حَقّاً قَولُه إذْ كَانَ عَيْـ
300
ـهِيراً مِنَ الأوْهَامِِ والحُسْبَانِ))
وَلذَا غَدَا تَغْريِقُهُ في البَحرِ تَطْـ
301
عَبَدُوهُ مِنْ عِجْلٍ لِذِي الخَوَرانِ
قَالُوا: ((وَلَمْ يَكُ مُنْكِراً مُوسَى لِمَا
302
مَعْهُمْ وأصْبَحَ ضَيِّقَ الأعْطَانِ؛
إلاَّ عَلَى مَنْ كَانَ لَيْسَ بعابِدٍ
303
يَكُ وَاسِعاً فِي قَوْمِهِ لِبِطَانِ
وَلذَاكَ جَرَّ بِلحْيِةِ الأخِ حَيْثُ لَمْ
304
لَمَّا سَرَى فِي وَهْمِهِ غَيْرَانِ))
بِلْ فَرَّق الإِنْكَارَ منْهُ بينَهُمْ
305
بالسُّجُودِ هَوِيَّ ذِي خُضْعَانِ
وَلَقَد رَأى إبليسَ عارِفُهُمْ فَأهْوى
306
غَيْرَ الإلَهِ؟! وأنتُمَا عُمْيَانِ
قَالُوا لَهُ: مَاذَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: ((هَلْ
307
للشَّمْسِ والأصْنَامِ والشَّيطَانِ
مَا ثَمَّ غَيرٌ! فاسْجُدُوا إنْ شِئْتُمُ
308
وَالكُلُّ مَعْبُودٌ لِذي العِرفَانِ!!))
فَالكُلُّ عَينُ اللهِ عِنْدَ مُحقِّقٍ
309
سُبْحَانَكَ الّلَهُمَّ ذا السُّبْحَانِ
هَذَا هُوَ المعْبودُ عِنْدهُمُ فقُلْ
310
أينَ الإلَهُ وثُغْرَةُ الطَّعَّانِ؟!
يَا أُمَّةً مَعْبُودُهَا مَوطُوؤُهَا
311
جُزْءٌ يَسيرٌ جُملَةَ الكُفْرَانِ!
يَا أُمَّةً قَدْ صَارَ مِنْ كُفْرَانِهَا
312
فَصْلٌ
فِي قُدُومِ رَكْبٍ آخَر
بالذَّاتِ مَوْجُوداً بِكُلِّ مَكَانِ
وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ: ((وَجَدْتُهُ
313
مَلأَ الخُلُوَّ ولا يُرَى بعِيَانِ))
هُوَ كالهَواءِ بعيِنِهِ لا عيْنُهُ
314
قَبْرٍ ولاَ حُشٍّ ولا أعطَانِ
والقَومُ ما صانُوهُ عنْ بئْرِ ولاَ
315
بالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الأبْدَانِ!
بَلْ مِنْهُمُ مَنْ قَدْ رَأى تَشْبِيهَهُ
316
أو خَارجٍ عن جُملةِ الأكْوَانِ،
مَا فِيهُمُ مَنْ قَالَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ
317
يَتَجَاسَرُوا مِنْ عَسْكَرِ الإيمَانِ
لَكِنَّهُمْ حَامُوا عَلَى هَذَا وَلَمْ
318
وَصِحابُهُ مِنْ كُلِّ ذِي عِرْفَانِ
وَعَليهمُ رَدَّ الأئِمةُ أحمَدٌ
319
وهُمُ الخصُومُ لِمُنزِلِ القُرْآنِ
فهُمُ الخُصُومُ لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ
320
لَمَّا ذَكَرْتُ الجَهْمَ فِي الأوْزَانِ
وَلَهُمْ مقَالاَتٌ ذَكَرْتُ أصُولَهَا
321
فَصْلٌ
في قُدُومِ رَكْبٍ آخَرَ
هَذَا وَلَكِنْ جَدَّ في الكُفْرَانِ
وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصْفُهُ
322
في قَالَبِ التَّنْزيهِ للرَّحْمَنِ
فَأسَرَّ قَولَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ
323
هُوَ خَارجٌ عَنْ جُمْلَةِ الأكْوَانِ
إذْ قَالَ: ((لَيْسَ بداخِلٍ فِينَا وَلاَ
324
فِيهَا ولا هُوَ عَيْنُهَا بِبَيانِ
بل قَالَ لَيسَ ببائِنٍ عَنْهَا وَلاَ
325
والعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلاَ رَحْمَنِ،
كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى ى
326
ـعَدَمِ الذي لاَ شِيءَ فيِ الأعْيَانِ
والعَرْشُ لَيْسَ عَلَيِه معبُودٌ سِوَى الْـ
327
مِنهُ، وحَظُّ قَوَاعِدِ البُنْيَانِ
بَل حَظُّهُ مِنْ رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى
328
أجْسَامِ)) سُبْحَانَ العظِيمِ الشَّانِ.
¥