فِي الرَّسْمِ يُدْعَى الُمصْحَفَ العُثْمَانيِ،
((هَذَا الذِي يُتْلَى، وآخَرُ ثَابِتٌ
750
هَذِي الثَّلاثُ خَلِيقَةُ الرَّحمنِ،
والثَّالِثُ المحفوظُ بَيْنَ صُدُورِنَا
751
كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالقُرْآنِ)).
والرَّابعُ المعْنَى القَدِيمُ كعِلْمِهِ.
752
عَنْهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ:
وأظنُّهُ قَدْ رَامَ شَيئاً لَمْ يَجِدْ
753
عُقِلتْ فَلاَ تَخْفَى عَلَى إنسَانِ:
إنَّ الُمعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أربَعٍ
754
ـمَّ الرَّسْمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ
فِي العيْنِ، ثُمَّ الذِّهْنِ، ثُمَّ اللَّفْظِ، ثُـ
755
أوْلَى بِهِ الموْجُودُ فِي الأعْيَانِ،
وَعَلَى الجمِيعِ الاِسْمُ يَصْدُقُ لَكِنِ الـ
756
قَدْ قَالَ إنَّ الوَضْعَ لِلأذْهَانِ -
- بِخِلاَفِ قَوْلِ ابْنِ الخَطِيْبِ فَإنَّهُ
757
فَدَهَى ابْنَ حَزْمٍ قِلَّةُ الفرْقََانِ.
فَالشَّيءُ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أربَعٌ
758
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحْيِ والفُرقَانِ
والله أخْبَرَ أنَّهُ سُبحَانَهُ
759
بِصُدُورِ أهْلِ العِلْمِ والإيمانِ
وَكَذاكَ أخْبَرَنَا بِأنَّ كَلاَمَهُ
760
صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الشَّيْطَانِ
وكذَاكَ أخَبرَ أنهُ المكُتوبُ فِي
761
مَقْروءُ عِنْدَ تِلاَوَةِ الإِنْسَانِ
وكَذاكَ أخْبَرَ أنهُ المتْلُوُّ والـ
762
هُوَ أرْبَعٌ وثَلاَثةٌ واثْنَانِ.
والكُلُّ شَيءٌ وَاحِدُ لاَ أنَّهُ
763
وكَذَا الكِتَابَةُ فَهْيَ خطُّ بَنَانِ،
وَتِلاَوَةُ القُرْآنِ أفعَالٌ لَنَا
764
مَحْفُوظُ قَوْلُ الواحِدِ الرَّحمنِ
لَكِنَّمَا المتْلُوُّ والمكُتوبُ والْـ
765
وَبِضِدِّه فَهُمَا لَهُ صَوْتَانِ،
والعبْدُ يقرَؤهُ بصَوْتٍ طَيِّبٍ
766
وَبِضِدِّه فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ
وكَذَاكَ يَكْتُبُهُ بِخَطٍّ جَيِّدٍ
767
والرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ القُرْآنِ.
أصْوَاتُنَا ومِدَادُنَا وأدَاتُنَا
768
لَ الحَقِّ فيه وَهْوَ غَيْرُ جَبَانِ:
ولَقَدْ أتَى فِي نَظْمِهِ مَنْ قَالَ قَوْ
769
بأنَامِل الأشْيَاخِ والشُّبَّانِ
((إنَّ الذِي هُوَ فِي المَصَاحِفِ مُثْبَتٌ
770
وَمِدَادُنَا والرَّقُّ مَخْلُوقَانِ))
هُوَ قَولُ رَبِّي آيُهُ وَحُرُوفُهُ،
771
ـنُوعٍ وَذاكَ حَقِيقةُ العِرفَانِ
فَشَفَى وَفَرَّقَ بَيْنَ مَتْلُوٍّ وَمَصْـ
772
مَتْلُوُّ مَخْلُوقاً، هُنا شَيئَانِ.
الكُلُّ مَخْلُوقٌ وَلَيْسَ كَلامُهُ الـ
773
إطْلاَقُ والإجمَالُ دُونَ بَيَانِ
فعلَيْكَ بالتَّفصِيلِ والتَّمييزِ فالـ
774
أذْهَانَ والآراءَ كُلَّ زَمَانِ.
قَدْ أفْسَدَا هَذَا الوُجُودَ وخَبَّطَا الـ
775
بالَّلامِ قَدْ يُعنَى بِهَا شَيْئَانِ:
وَتِلاَوَةُ القُرْآن فِي تَعْرِيفِهَا
776
هُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَذِي الأكْوَانِ،
يُعْنَى بِها المتْلُوُّ فَهْوَ كَلاَمُهُ
777
وأدَائِهمْ وكِلاَهُمَا خَلْقَانِ.
وَيُرادُ أفْعَالُ العِبَادِ كصَوْتِهِمْ
778
إسْلاَمِ أهْلُ العِلْمِ والعِرْفانِ،
هَذَا الذي نَصَّتْ عَلَيِه أئمَّةُ الـ
779
لَكِن تَقَاصَرَ قَاصِرُ الأذْهَانِ
وهُوَ الذِي قَصَدَ البُخَارِيُّ الرِّضَى
780
قَوْلِ الإمَامِ الأعظَمِ الشَّيْبَانِي
عَنْ فَهْمِهِ، كَتَقاصُر الأفْهَامِ عَنْ
781
ـهُ واهْتَدَى للنَّفْي ذُو عِرْفَانِ؛
في اللَّفْظ لَمَّا أنْ نَفَى الضِّدَّيْن عَنْـ
782
كَتَلفُّظٍ بِتِلاوَةِ القُرآنِ،
فاللَّفْظُ يَصْلُحُ: مَصْدَرَاً هو فِعْلُنَا
783
وَهُوَ القُرَانُ فَذَانِ مُحْتَمَلانِ
وَكَذَاكَ يَصْلُحُ: نَفْسَ مَلْفوظٍ بِهِ
784
نَفْيٍ وإثْبَاتٍ بِلاَ فُرْقَانِ
فَلِذَاكَ أنْكَرَ أحْمَدُ الإطْلاَقَ فِي
785
فصلٌ
فِي مَقَالة الفَلاَسِفةِ والقَرَامِطَةِ فِي كَلاَمِ الرَّبِ جَلَّ جَلاَلُه
للمُسْلِمِينَ بإفْكِ ذِي بُهْتَانِ
وأتَى ابنُ سِينَا القُرْمُطِيُّ مُصَانِعاً
786
فَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكْوَانِ
فَرَآهُ ((فَيْضاً فَاضَ مِنْ عَقْلٍ هُوَ الْـ
787
حَسَنُ التَّخَيُّل جَيِّدُ التِّبيَانِ
حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ
788
وَمَواعِظاً عَرِيَتْ عَنِ البُرْهَانِ
فأتَى بِهِ للعَالمينَ خَطَابَةً
789
رَمَزَتْ إلَيْهِ إشَارَةً لِمَعَانِي،
مَا صَرَّحتْ أخْبَارُهُ بالحَقِّ بَلْ
790
ـحقِّ الصَّريحِ فَغَيْرُ ذِي إمْكَانِ
وخِطَابُ هَذَا الخَلْقِ والجُمْهُورِ بالْـ
791
فِي مِثَالِ الحِسِّ والأعْيَانِ،
¥