تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الداعية الصغير]

ـ[أبو حميد الفلاسي]ــــــــ[09 - 05 - 05, 01:22 م]ـ

[الداعية الصغير]

إعداد

عبد الله بن حميد الفلاسي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

ما من مسلمٍ إلا ويسعد عند الحديث عن الجنة، ومنازلها، وما أعد له فيها، ولكن الجنة، تحتاج لمثابرة، وجد واجتهاد، فالجنة مرتبة عالية، يتمناها كل مسلم، ولكن حتى نصل إلى الجنة، فهناك أمور لابد أن نعملها، ونبذل قصارى جهدنا حتى نكون من أهلها.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد أن نشهد بلا إله إلا الله، محمد رسول الله، يعني أن نعبد الله، ولا نعبد غيره، ندعوه ولا ندعو غيره، ونلجأ إليه، ولا نلجأ إلى غيره.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد من أن نحافظ على الصلوات الخمس، ونؤديها مع الجماعة، ولا نؤخرها عن وقتها، ونبذل كل الوسائل حتى نكون من المحافظين عليها.

حتى نكون من أهل الجنة، لابد من أن نكون من البارين بأبائنا وأمهاتنا، ونسعى لراحتهم، وإسعادهم، فهم بذلوا كل ما لديهم من أجلنا، ونحن ماذا فعلنا غير التقصير في حقهم، لابد من رد هذا الجميل، ونسعى إلى برهم، وإرضائهم، ونرد الجميل والإحسان، ويكفي أنهم سهروا في تربيتنا.

ولهذا لابد لنا أن نتفكر، وننظر ما الأمور التي ستدخلنا الجنة، وهل ستدخلنا الجنة أم لا؟ نفكر، إذا ضيعنا الصلاة أو قصرنا في تأديتها، هل هذا الفعل سيكون سبباً لدخولنا الجنة، أم لا؟

وحديثنا في هذا المقال عن داعية صغير، مرت به أشد الابتلاءات، كل ذلك من أجل هذا الدين، فتعال معي أيها القارئ لنتعرف على قصة الداعية الصغير، وكيف قتل؟ وكيف إسلم على يديه الكثير:

روى الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملكٌ فيمن قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك، إني قد كبرت، فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه، وكان في طريقه – إذا سلك – راهب فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب، وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر)).

تأمل معي أيها القارئ العزيز، أرادوا أن يعلموا الغلام السحر، والله أراد خلاف ذلك، أردوا للغلام أن يكون ولياً من أولياء الشيطان، والله عز وجل أراد له غير ذلك.

كل ذلك يعلمنا أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولنعلم أن قلوب العباد بيد الله، فيهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فقد اهتدى الغلام وهو في أحضان الساحر وتحت إشراف الملك.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمة قد حبست الناس، فقال – أي: الغلام-: اليوم أعلم الساحرُ أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره)).

فهذه هي الكرامة التي يُكرمُ الله بها عباده الصالحين، الذين وصفهم الله في كتابه بقوله: ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) وقال تعالى في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آنته بالحرب ... " رواه البخاري.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((فقال الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي)).

هكذا حال المؤمنين الصادقين، يبتليهم الله في الدنيا، قال تعالى: ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))، ولذلك سأل رجلٌ الشافعي رحمه الله، فقال: يا أبا عبد الله إيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال الشافعي: لا يمكن حتى يبتلى فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم الله.

ثم يقول صلى الله عليه وسلم: ((وكان الغلام يُبرئُ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عَمَىَ، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير