ورواه أبو يَعْلى من طريقٍ آخر في " المسند ": 4/ 9. عن محمد بن بكَّار، عن أبي مَعْشرٍ، عن يعقوب بن زيد بن طَلْحة، عن زيد بن أسلم عن أنس، وفي هذا الإسناد أبو مَعْشرٍ نَجِيح بن عبد الرَّحمن، ضعَّفه النَّسائي كما في " الضعفاء والمتروكين ": 227 رقم (590)، وقال عنه البُخاريُّ كما في " الضعفاء الصغير ": 139 رقم (380) منكر الحديث.
أمَّا الطريق الثَّالثه فرواها أبو يَعْلى في " المسند ": 4/ 154 وفي إسناده يزيد الرَّقاشي وهو ضعيفٌ، قال الهَيْثميُّ في " مجمع الزوائد ": 6/ 226 يزيد الرَّقاشي ضعَّفه الجمهور وفيه توثيقٌ ليِّنٌ. و هناك طريقٌ أُخرى رواها البزَّار في مسنده كما في " كشف الأستار ": 2/ 360 رقم (1851) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة بيروت - ط الثانية 1405، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد ": 6/ 226 رجاله وُثِّقُوا على ضعفٍ في بعضهم. إذاً فالحديث الذي رواه أبو بَكْرة مع شواهده عن أبي سعيد وأنس، يصلح للاحتجاج كحديث منفرد، أمَّا في حالة التَّعارض في فله شأنٌ آخر سنراه قريباً.
(1) انظر: الفيروزأبادي - القاموس المحيط: 1/ 243.
أمَّا في الاصطلاح فهي (2): " المنفعة الّتي قصدها الشَّارع الحكيم لعباده، من حفظ دينهم، ونفوسهم وعقولهم، ونسلهم، وأموالهم، طبق ترتيبٍ فيما بينها ".
وجلب المصلحة ودَرء المفسدة أمرٌ دلَّ عليه العقل والشَّرع " إذ لا يخفىعلى عاقلٍ قبل ورود الشَّرع أنَّ تحصيل المصالح المحضة ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان،وعن غيره محمودٌ، وأنَّ تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمودٌ حسنٌ، وأنَّ درء أفسد المفاسد فأفسدها محمودٌ حسنٌ" (3).
إذاً فالمصلحة معتبرةٌ عقلاً وشرعاً، ولقد استدل العلماء على مشروعيتها بعدَّة أدلَّةٍ (4)، لعل من أوضحها دلالة قول الله تعالى: {إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوُن} (5) وقول النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم -:" لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارُ " (6).
(2) انظر البوطي - ضوابط المصلحة: 27، مؤسسة الرسالة - بيروت، والدار المتحدة - دمشق، ط السادسة 1412 هـ / 1992 م.
(3) انظر: العز بن عبد السلام- قواعد الأحكام في مصالح الأنام:1/ 5، علق عليه، طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل - بيروت ط الثانية 1400 هـ / 1980 م.
(4) انظر: د. البوطي - ضوابط المصلحة: 70 - 78، ود. خليفه بابكر الحسن - الأدلة المختلف فيها عند الأُصوليين: 30 - 32، ود. عبد العزيز الربيعة، أدلة التَّشريع المختلف في الاحتجاج بها: 237 - 242، لم تذكر دار النشر، ط الثانية 1401 هـ / 1981 م.
(5) سورة النحل: 90
(6) رُوي هذا الحديث موصولاً من عدَّة طرقٍ، كما روي مرسلاً، ومجموع طرقه توصله إلى مرتبة الحسن. - فرُوي من طريق أبي سعيد الخُدري، أخرجه الدَّارقطني في " السنن ":4/ 228، والحاكم في "المستدرك": 2/ 57، 58وقال= =: صحيح الإسناد على شرط مُسلمٍ ولم يخرِّجاه، ووافقه الذَّهبي، والبَيْهقي في "السنن الكبرى ": 6/ 69 وقال: تفرَّد به عثمان بن محمد عن الدَّراوردي، وتعقَّبه ابن التُّركماني في"الجوهر النَّقي": 6/ 70 مطبوعٌ مع السنن، وقال: لم ينفرد به، بل تابعه عبد الملك بن مُعاذ النَّصِيبي فرواه كذلك عن الدَّراوردي، وكذا أخرجه أبو عمر في كتابه " التمهيد " و " الاستذكار "، انظر " التمهيد ": 20/ 159 تحقيق سعيد اعرب 1410 هـ /1990 م.
وعثمان بن محمد قال عنه عبد الحق الإشبيلي كما في " الميزان ": 3/ 53 الغالب على حديثه الوهم، وعبد الملك النَّصِيبي، قال عنه الذَّهبي في " الميزان ": 2/ 664 - 665: لا أعرفه، ولم يذكره في الضعفاء.
- وهو مروى كذلك من طريق ابن عباس، وعبادة بن الصامت، وغيرما وللاطلاع والتَّوسع يُراجع تحقيق تخريج منهاج البيضاوي.
¥