تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقبل الشُّروع في بيان أقوال العلماء وتوجيه هذا الحديث بجمع طرقه، ومعرفة المراد منه، أُشير إلى أنَّ أنساً قال في بعض الرِّوايات كما في هذه: وعنده غلامٌ من الأنصار، ثمَّ في روايةٍ أُخرى (1) عن أنس، أنَّ رجلاً سأل النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلّم - ثمَّ نظر إلى غلامٍ بين يديه من أزد شَنُوءة.

وفي روايةٍ عن أبي يَعْلى (2) وأحمد (3) - والَّلفظ لأبي يَعْلى- فنظر رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلى غلامٍ من دَوْسٍ يُقال له: سعدٌ، فقال:" إنْ يَعِشْ هَذَا، لاَ يَهْرَمُ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ".

فهذا الاختلاف في اسم الغلام أولاً، ثمَّ في اسم القبيلة، قد يجعله البعض من باب الاضطراب والاختلاف الذي قد يؤدِّي لطرح الثِّقه بالحديث وجعله مما يجب التَّوقُّف في الأخذ به إن لم يجب ردُّه، ولكنِّي سأدخل من هذا الباب - أي الاختلاف - لمناقشة الحديث،لأنَّه ليس كلّ اختلافٍ يقود الى هذه النتيجة، فالاختلاف قد يكون مؤثِّراً لو أنَّ السِّياق كان لحكايةٍ واحدةٍ، ولكنْ من يجْزِم لنا أنَّ الحادثة واحدةٌ؟ بل إنَّ السِّياق يؤكد على عكس هذا من خلال السُّؤالاتِ مختلفةٌ، والحوادِثَ متعدِّدةٌ، وفي كلِّ مرَّةٍ يُجيب الرَّسول - صلّى الله عليه وسلّم - بحسب الواقع الّذي كان عنده، ويؤيِّد هذا رواية عائشه عند مُسلمٍ (4) أنَّها قالت: كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سألوه عن السَّاعه: متى السَّاعه؟ فنظر إلى أحدث إنسانٍ منهم فقال " ..... الحديث ".

(1) انظر مُسلم: 4/ 2270 رقم (2953 مكرر).

(2) المسند: 3/ 178 رقم (2750).

(3) المسند: 3/ 283، وكلاهما - أي أحمد وأبو يَعْلى - رواه من طريق مبارك بن فُضَالة ثنا الحسن عن أنس، ومبارك بن فُضَالة وصفه ابن حجرٍ بأنَّه صدوقٌ يُدَلِّسُ ويُسَوِّي، ووثَّقه ابن معينٍ، وقال أحمد بن حَنْبل ما روى عن الحسن يُحتَجُّ به، وقال أبو داود: إذا قال مبارك حدثنا فهو ثبتٌ، والخُلاصة أنَّ مباركاً تُكلِّم فيه لأجل التَّدليس والإرسال، وهو هنا حدَّث عن الحسن الذي لازمه 13 سنة وصرَّح بالتَّحديث، فالإسناد صحيحٌ.

انظر: ابن معين - التاريخ: 4/ 83 رقم (3244) تحقيق د. أحمد محمد نور سيف، مركز البحث العلمي بجامعة الملك عبد العزيز - مكةالمكرمة، ط الأولى 1399 هـ / 1979 م. وأبو داود - سؤالات الآجُرِّي لابي داود.

وابن حجر - تقريب التهذيب: 2/ 227 تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، دار المعرفه - بيروت، ط الثانيه 1395 هـ / 1975، والمزّي - تهذيب الكمال: 3/ 1302.

(4) الصحيح: 4/ 2269 رقم (2952).

فالسُّؤال إذاً متكرّرٌ، والجواب كذلك متكرِّرٌ، وهو صادرٌ عن الأعراب، أو إن أغلب الأسئلة تصدر عن الأعراب والوفود، قال ابن رجَبِ (1): " ولم يكن النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلّم - يُرخِّص في المسائل إلا للأعراب ونحوهم من الوفود القادمين عليه يتألَّفهم بذلك. فأما المهاجرون والأنصار المقيمون بالمدينه الّذين رسخ الإيمان في قلوبهم فنُهوا عن المسألة كما في " صحيح مسلم " (2) عن النَّوَّاس بن سَمْعان قال: أقمت مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بالمدينه سنةً ما يمنعني من الهجره إلاّ المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلّم -.

وفيه أيضاً (3) عن أنس قال: نُهينا أن نسأل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن شيءٍ، فكان يعجبنا أن يجيء الرَّجل من أهل الباديه العاقل فيسأله ونحن نسمع ".

وفي طرق رواية الحديث ما يشير إلى أنَّ الأعراب هم الّذين كانوا يسألون رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن السَّاعه كما في حديث عائشه المتقدِّم، وكما في رواية أحمد (4) عن أنس أنَّ أعرابياً سأل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عن قيام السَّاعه ......... الحديث.

وكما في رواية أبي يَعْلى (5) عن أنسٍ أيضاً قال: كان أجرأ النَّاس على مسألة رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - الأعراب، أتاه أعرابيٌّ فقال: يا رسول الله متى السَّاعه؟ ...... "

(1) جامع العلوم والحكم: 1/ 241 - 242

(2) البر والصلة /تفسير البر والإثم: 4/ 1980 رقم (2553 مكرر).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير