تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الزَّمَخْشَرِيُّ (2): انشقاق القمر آيةٌ من آيات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم -ومعجزاته النَّيِّرة ...

وقال (3): وذُكر أنَّ بعضهم قال: إنَّ معناه ينشقّ يوم القيامة، وقوله:

{وَإنْ يَرَوْا آيةً ... } (4) يردّه، وكفى به ردّاً. وفي قراءة حُذيفة (5): {وَقَدِ انْشَقَّ القَمَرُ}. أي: اقتربت السَّاعة وقد حصل من آيات اقترابها أنَّ القمر قد انشقَّ.

وعن حُذيفة (6) أنَّه خطب بالمدائن ثمَّ قال: ألا إنَّ السَّاعة قد اقتربت وانشقَّ القمر.

وأختم بذكر هذه المُداخلة الطَّويلة نبسبَّياً" من القاضي عبد الجبار حيث قال (7):" بابٌ آخر"، وهو ما كان بمكَّة من انشقاق القمر، فإنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم - مرَّ بمكَّة في ليلة قمراء ومعه نفرٌ من أصحابه، فاجتاز بنفرٍ من المشركين فقالوا له: يا محمد إن كنت رسول الله كما تزعم فاسأل ربك أن يشُقَّ هذا القمر، فسأل الله ذلك فشقَّه، فقال المشركون

(1) النكت والعيون: 5/ 409

(2) الكشاف: 4/ 340

(3) المصدر السابق: 4/ 341

(4) سورة القمر: 2

(5) انظر: ابن خالويه: مختصر شواذ القرآن: 147 نشره: ج برجستراسر، دار الهجرة، مصور عن طبعة ليبزج 1934 م.

(6) قال ابن حجر عن حديثه: أخرجه الحاكم والطَّبرانيُّ، وأبو نعيم.انظر: تخريج أحاديث الكشاف المطبوع معه.

(7) تثبيت دلائل النبوه: 1/ 55 - 59. تحقيق: عبد الكريم عثمان.

: ساحروا بصاحبكم من شئتم فقد سرى سحره من الأرض إلى السماء، فنزلت القصَّة في ذلك، وهذا من الآيات العظام والبراهين الكرام على صدقه ونبوَّته- صلّى الله عليه وسلّم -.

فإن قيل: ومن أين لكم أنَّ القمر قد انشقَّ له كما ادّعيتم؟ أتعلمون ذلك ضرورة أم بدلالة؟ أو ليس النَّظَّام قد شكَّ في هذا وقال: لو كان قد انشقَّ لعلم بذلك أهل الغرب والشَّرق لمشاهدتهم له؟ وهذا الشَّيء سيكون عند قيام السَّاعة ومن أشراط القيامه، فبأيِّ شيء تردُّون قوله، وتبيِّنون غلطه إن كان قد غلط؟ قيل له: ما نعلم ذلك ضرورة، ولكن نعلمه بدلالة، فمن استدل عرف ومن لم يستدلَّ لم يعرف، ومن قصرعن الاستدلال والنَّظر غلط كما غلط إبراهيم النَّظَّام.

فوجه الدَّلاله على ذلك أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قد احتجَّ بذلك على المسلمين والمشركين وتلا هذا القول عليهم من سورة القمر {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.ولم يكن ليقدم ويحتجَّ على العدو والولي بما لا حاجة فيه، ويشير إلى أمرٍ ظاهرٍ يشار إليه ويشاهده النَّاس، فلو أراد أان يكذِّب ويرد قوله ما زاد على هذا، هذا لا يقع من عاقلٍ، ولا يختاره محصِّلٌ كائنٌ من كان، فكيف يقع ممن يدَّعي النُّبوَّة والصِّدق، وهو أشدُّ حرصاً بالنَّاس كلِّهم على تصديقه واتِّباعه؟ فلو أراد أن يُكذِّبوه ويردُّوا قوله ما زاد على هذا، وهذا لا يذهب على مُتأمِّلٌ.

فإن قيل: فما تنكرون، على من قال إنَّه - صلّى الله عليه وسلّم - ما احتجَّ بهذا على نبوَّتِهِ؟ قيل له: لا فرق بين من ادَّعى ذلك أو ادَّعى في جميع ما أتى به من القرآن وغيره، أنهَّ ما احتجَّ بشيءٍ من ذلك على صدقه ونبوَّته.

ومما يزيدك علماً بذلك، ويُبيِّن غلط النَّظَّام، وجهل كلِّ من ذبَّ عن ذلك قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَر ? وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌ} فانظركيف قال: اقتربت السَّاعة، وأخبر عن أمرٍ قد كان ومضى، ثمَّ قال على نسقِ الكلام: {وَانْشَقَّ القَمَرُ} فجاء بأمرٍ قد كان وانقضى ومضى، فنسق على الماضي بالماضي، ولو كان على ما ظنَّ النَّظَّام لقال: اقتربت السَّاعة وانشقاق القمر، أو كان يقول: وسينشقُّ القمر، فلمَّا لم يقل ذلك وقال وانشقَّ القمر علمت أنَّه أخبر عن شيئين واقعين قد وقعا، وكانا وحصلا.

ثم قال على نسق الكلام: {وَإنْ يروا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِر} (1) فأخبر أنَّها آيةٌ مرئيَّةٌ، وحجَّةٌ ثابتةٌ ثمَّ قال على نسق الكلام: {وَلقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيْهِ مُزْدَجَر?

(1) سورة القمر: 2

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير