تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رسالة الكسائي في لحن العوام]

ـ[الاستاذ]ــــــــ[10 - 06 - 05, 07:30 ص]ـ

من درر مجلة المنار:

[رسالة الكسائي في لحن العوام]

ظفر بها الباحث الألماني (بركلمن) وطبعها في ألمانيا، وأهدى نسخة منها إلى

صديقنا أحمد زكي بك الكاتب الثاني لأسرار مجلس النظار، فرأينا أن ننشرها في

المنار لما فيها من الفائدة للكتاب والطلاب وهي:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين. اللهم صلّ على محمد وآله الطاهرين،

هذا كتاب ما تلحن فيه العوام مما وضعه عليّ بن حمزة الكسائي للرشيد هارون

ولا بد لأهل الفصاحة من معرفته.

تقول: حَرَصت بفلان فتح الراء. قال الله عز وجل:] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ

حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [(يوسف: 103). ولا تقول: تحرَص بفتح الراء. قال الله

تعالى:] إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلّ [(النحل: 37).

وتقول: ما نقَمت منه إلا عجلته بفتح القاف، لا يقال غيره. قال الله عز وجل:

] وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ [(البروج: 8). وتقول: دعه حتى يَسْكُت

من غضبه بالتاء ولا يقال بالنون يَسْكُن [1] قال الله عز وجل:] وَلَمَّا سَكَتَ عَن

مُّوسَى الغَضَبُ [(الأعراف: 154). وتقول: قد نَفِدَ المالُ والطعامُ بكسر الفاء

قال تعالى:] قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْر [(الكهف: 109).

وتقول: عجزت عن الشيء بفتح الجيم ومنه قوله تعالى ذِكْرُه:] أَعَجَزْتُ أَنْ

أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ [(المائدة: 31) وتقول: كسرت ظفُر زيد بضم الفاء

والظاء جميعا [2] قال الله تعالى:] وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [

(الأنعام: 146). وتقول: قد صرفت فلانًا وقد صرف وجهه بغير ألف. ولا يقال

أصرفت، قال الله عز وجل:] ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم [(التوبة:

127) وتقول: قد أَصْرَفَت الكلبةُ: إذا طَلَبَت المُعاظَلَةَ. وتقول: قد استدّت البِطانة

بكسر الباء [3] قال الله جل ذكره:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ [

(آل عمران: 118) وتقول لنا على المضيّ إلى فلان [4] بتشديد الياء قال الله

تعالى:] فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا وَلاَ يَرْجِعُونَ [(يس: 67) وتقول: شكرت لك

ونصحت لك ولا يقال: شكرتك ونصحتك. وقد نصح فلان لفلان وشكر له. هذا

كلام العرب قال الله تعالى:] وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ [(البقرة: 152).

] وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ [(هود: 34). وتقول عَسَيْتُ أن

أكلّم زيدًا بفتح السين قال الله عز وجل:] فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي

الأَرْض [(محمد: 22). وتقول: قد أريتُ فلانًا موضع زيد، ولا يقال أوريته

فإنه خطأ. قال الله تعالى:] وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا [(طه: 56) وقال أيضًا:

] رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ [(الأعراف: 143) وتقول: قد أوريت النار إذا

أشعلتها بالواو. وقال تعالى:] أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَتِي تُورُونَ [(الواقعة: 71)

وقال عديّ بن زيد في شاهد ذلك:

وطُفَُّ حديثَ السُّوء بالصمت إنه متى تور نارًا للعتاب تَأجَّجَا [5]

ويقال: وقع القوم في صَعُودٍ وهبوط وحَدُورٍ مفتوحات الأوائل وكذلك السَّحُور

سحور الصائم [6] والفَطور أيضًا على مثال فَعُول قال الله عز وجل:

] سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا [(المدثر: 17) وكذلك الرَّكوب. قال الله تعالى:] فَمِنْهَا

رَكُوبُهُم [(يس: 72). وتقول شُدَّ ثوبَك وشُدَّ عليه بضم الشين قال تعالى:

] فَشُدُّوا الوَثَاقَ [(محمد: 4) وتقول: ذَرْهُ ودَعْه وذَرِ الأَمْر ولا يقال: وَذرْتُه ولا

ودَعْته قال الله:] ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا [(الحجر: 3) ولا يقال منه فعلته ولكن

تركته. وتقول: جَهدت به كل الجُهد، والجيم الأولى مفتوحة والثانية مضمومة.

قال الله:] وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ [(التوبة: 79) وتقول: دمَعت عيني

بفتح الميم، وبخصت عينه بالصاد، ولا يقال: بخست بالسين [7] إنما البخس

والنقص أن تنقص الرجل حقه. وتقول: وَدِدْتُ أني في منزلي بكسر الدال.

الأولى قال بعض الأعراب:

أُحبُّ بُنَيَّتي وودِدت أني حفرت لها برابية قَبيرا [8]


(*) وطف بكسر الطاء وضمها، وكسر الفاء وضمها وفتحها مع تشديدها.
(1) لم نر من عدّي سكت الغضب بمن ولم يستشهد له وإنما الشاهد في الآية معدَّى بعن وقد فسر
(سكت) الزَّجَّاج وغيره بسكن وقيل إن الكلام على القلب أي سكت موسى عن الغضب وذكر الزمخشري
الحرف في مجاز الأساس فقال: (وسكت عنه الغضب والحزن وكل ما له أثر ناطق) ففهم وجه الجوّز
وقال السكاكي إنه استعارة تبعية وقرأ معاوية بن قرة في الشواذ (سكن) بالنون فهو ليس خطأ.
(2) هذه هي اللغة الفصحى ويقال ظفر بضم الظاء وكسرها مع سكون الفاء.
(3) في اللسان السّدد القصد في القول والوَفق والإصابة وقد تسدّدله واستدّ وبطانة الإنسان خاصته
الذين يفضي اليهم بأسراره مأخوذ من بطانة الثوب.
(4) الجملة غير ظاهرة ولعلها في الأصل استفهام.
(5) كذا ضبط (طف) في الأصل والمعنى يقتضي أنه من المهموز والمعروف أطفأ النار ثم رأيت اللسان
والتاج روياء (وأطف) وتأججا أصله تتأجج مجزوم وحذف التاء قياس.
(6) السحور ما يؤكل، و بالضم فعل الأكل وقت السحر ومثله الفطور.
(7) أنكر البخس بمعنى الفقء الأزهري والمصنف وأثبته الأصمعي وقال: إنه لغة كالبخز.
(8) كذا ضبطها الطابع ولا يصح ولعلها تصغير قبر وفي هامش النسخة المطبوعة لفظ (حَفِيرًا) وهو
بمعنى القبر.

((مجلة المنار ـ المجلد [5] الجزء [15] صـ 591 غرة شعبان 1320 ـ 1 نوفمبر 1902))
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير