[الإيمان والكفر والنفاق والظلم والفسق]
ـ[الاستاذ]ــــــــ[10 - 06 - 05, 07:51 ص]ـ
من درر مجلة المنار:
[الإيمان والكفر والنفاق والظلم والفسق]
من رسائل إمام نجد في عصره العلامة الشيخ
عبد اللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن شيخ الإسلام محمد بن عبد
الوهاب
رحمهم الله تعالى
ويعلم منها ما عليه علماء نجد في مسألة تكفير المخالفين واحتياطهم فيها
أكثر من سائر علماء المذاهب الأخرى
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إلى عبد العزيز الخطيب، سلام
على عباد الله الصالحين. وبعد فقرأت رسالتك وعرفت مضمونها وما قصدته من
الاعتذار، ولكن أسأت في قولك، إن ما أنكره شيخنا الوالد من تكفيركم أهل الحق
واعتقاد إصابتكم أنه لم يصدر منكم، وتذكر أن إخوانك من أهل البقيع يجادلونك
وينازعونك في شأننا، وأنهم ينسبوننا إلى السكوت عن بعض الأمور، وأنت
تعرف أنهم يذكرون هذا غالبًا على سبيل القدح في العقيدة، والطعن في الطريقة،
وإن لم يصرحوا بالتكفير فقد حاموا حول الحمى، فنعوذ بالله من الضلال بعد الهدي،
ومن الغَي عن سبيل الرشد والعمى، وقد رأيت سنة أربع وستين رجلين من
أشباهكم المارقين بالإحساء قد اعتزلا الجمعة والجماعة، وكفرَّا من في تلك البلاد
من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم، يقولون: أهل الإحساء يجالسون ابن
فيروز، ويخالطونه هو وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت، ولم يصرح بتكفير جده
الذي رد دعوة الشيخ محمد ولم يقبلها وعاداها، قالا: ومن لم يصرح بكفره فهو
كافر بالله لم يكفر بالطاغوت [1] ومن جالسه فهو مثله، ورتبوا على هاتين
المقدمتين الكاذبتين الضالتين ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام، حتى
تركوا رد السلام، فرفع إليّ أمرهم، فأحضرتهم وهددتهم، وأغلظت لهم القول،
فزعموا أولاً أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم،
فكشفت شبهتهم وأدحضت ضلالتهم بما حضرني في المجلس، وأخبرتهم ببراءة
الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير
فاعله من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسوله أو بشيء منها، بعد قيام الحجة
وبلوغها المعتبر، كتفكير مَنْ عَبَدَ الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أندادًا يستحقه
على خلقه من العبادات والألهية، وهذا مجمع عليه عند أهل العلم والإيمان، وكل
طائفة من أهل المذاهب المقلدة يفردون هذه المسألة بباب عظيم يذكرون فيه حكمها
وما يوجب الردة ويقتضيها، وينصون على الشرك الأكبر، وقد أفرد ابن حجر [2]
هذه المسألة بكتاب سماه (الإعلام بقواطع الإسلام).
وقد أظهر الفارسيان المذكوران التوبة والندم وزعما أن الحق ظهر لهما ثم لحقا
بالساحل وعادا إلى تلك المقالة، وبلغنا عنهم تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك
المصريين، بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين، ونعوذ بالله من
الضلال بعد الهدى والحور بعد الكور [3].
وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب، كالكلام في
الموالاة والمعاداة، والمصالحة والمكاتبات، وبذل الأموال والهدايا ونحو ذلك من
مقالة أهل الشرك بالله والضلالات، والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي ونحوهم
من الجفاة، ولا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله
وأوتي الحكمة وفصل الخطاب، والكلام في هذا يتوقف على معرفة ما قدمناه،
ومعرفة أصول عامة كلية لا يجوز الكلام في هذا الباب وفي غيره لمن جهلها،
وأعرض عنها وعن تفاصيلها، فإن الإجمال والإطلاق، وعدم العلم بمعرفة مواقع
الخطاب وتفاصيله، يحصل به من اللبس والخطأ وعدم الفقه عن الله ما يفسد
الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها وبين فهم القرآن.
قال ابن القيم في كافيته رحمه الله تعالى:
فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمان
وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهب
الحرورية المارقين الخارجين على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ومن معه من
الصحابة، فإنهم أنكروا عليهم تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص في
الفتنة التي وقعت بينه وبين معاوية وأهل الشام، فأنكرت الخوارج عليه ذلك وهم
¥