تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعل مع محمد بن عبد الله بن محمد بن ذي النون المتوفى سنة ست وتسعين وثلاثمائة ([43])، وكذلك مع محمد بن أحمد المعافري ([44]) بل إنه كان يأخذ حتى من بعض الكذابين وذوي الاتجاه المنحرف حينما يتوقع أن لديهم علما ينفعه، فقد قال عن على بن معاذ بن موسى الرعيني: (سمعت أنا منه، وكان يكذب، وقفت على ذلك منه وعلمته .. ) ([45]) كما ذكر أنه قد أخذ عن رشيد بن فتح الدجاج وكان يتهم بمذهب ([46]) ابن مسرة ([47]).

2. أن مشاربه الفكرية قد تعددت،فبالرغم من كونه مالكي المذهب إلا أنه كان يأخذ العلم من أصحاب المذاهب الأخرى فقد أخذ العلم من علي بن محمد بن بشر من أهل أنطاكية على الرغم من نزعته الشافعية ([48])، كما كانت له اهتمامات باللغة العربية وعلومها فقد ذكر أنه انقطع فيما بين سنتي ست وستين وتسع وستين وثلاثمائة عن طلب العلم الشرعي حيث كرس كل جهوده للنظر في اللغة العربية وعن هذا يقول: (ثم شغلني النظر في العربية عن مواصلة الطلب إلى سنة تسع وستين، ومن هذا التأريخ اتصل سماعي من الشيوخ) ([49]) ويبدو أن النزعة الأدبية لديه، إلى جانب إدراكه لأهمية اللغة قد جعلته يولي اللغة العربية وآدابها اهتماما خاصا أثناء مشواره العلمي، فقد ذكر أنه كان يأخذ علم اللغة من محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية، وأنه قرأ عليه كتاب الكامل للمبرد ([50])، كما سمع من شاعر وقته يحيى بن هذيل بن عبد الملك بن هذيل المتوفى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة الشعر وكتب من حديثه وشعره، كما أجاز له روايته وديوان شعره ([51]).

3. كما كان يتحمل في سبيل الحصول على العلم المشقة والمتاعب النفسية من بعض الشيوخ الذين كانوا صعبي المراس، فقد ذكر عن شيخه خلف بن محمد الخولاني أنه كان عسرا في الإسماع، ممتنعا إلا من يسيره، نكر الخلق حرج الصدر لكن لما كان عنده فوائد فقد كان يصبر على الاختلاف إليه ([52])، كما بين أن رشيد بن فتح الدّجّاج كان يأبى الإسماع إلا في اليسير ممن يستحبه، وأنه لم يكتب عنه سوى حديث واحد ([53])، وقد لقي هذه المعاناة - أيضا - من شيخه عبدالله بن محمد بن ربيع المتوفى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة حيث كان رجلا منقبضا ملازما للبادية أكثر وقته يأبى من الإسماع، ولهذا لم يكتب عنه ابن الفرضي سوى حديث واحد ([54]) وهكذا تعددت المشارب الثقافية التي استقى منها ابن الفرضي ثقافته وعلومه، كما تعددت المدارس والاتجاهات الفكرية التي تردد عليها، وهذا بلا شك مما أكسبه علما غزيرا متنوعا، مكنه من التعرف على تجارب كثيرة، كان لها أثر كبير في صقل مواهبه، وتنمية قدراته العلمية.

علمه ومؤلفاته:

أولاً: علمه:

أجمع المؤرخون والكتاب على أن ابن الفرضي كان واسع الثقافة، غزير العلم حافظا للحديث ورجاله، فقد قال عنه الحميدي بأنه كان: (حافظا متقنا عالما ذا حظ من الأدب وافر) ([55]) كما قال عنه تلميذه أبو عمر بن عبد البر: (كان فقيها عالما في جميع فنون العلم في الحديث وعلم الرجال، وله تواليف حسان … أخذت منه عن أكثر شيوخه، وأدرك من الشيوخ ما لم أدرك …) ([56]) أما ابن حيان فقد وصفه بالأديب الراوية الفقيه الفصيح الذي لم ير مثله بقرطبة من سعة الرواية وحفظ الحديث ومعرفة الرجال والافتنان بالعلوم ([57])، كما قال عنه أبو عبد الله الخولاني بأنه كان من أهل العلم جليلا ومقدما في الأدب ([58]) ووصفه كل من ابن بشكوال ([59]) وابن عميرة ([60]) بالحافظ العالم، أما الإمام الذهبي فقد سماه بالحافظ الإمام الحجة البارع الثقة ([61]) ولعل الإجازات العلمية الكثيرة التي حصل عليها من علماء كثيرين دليل واضح يؤكد سعة علمه، ومن الذين أجازوه عبد الله بن محمد الثغري ([62]). ويدرك من يستقرئ ما خلّفه من تراث أن رواية الحديث وعلم الرجال كانت من أولى اهتماماته العلمية، ولهذا حدث عنه عدد من العلماء منهم أبو عمر بن عبد البر حيث أثنى على حسن صحبته ([63]) كما أخذ عنه أبو عبد الله الخولاني ([64]) ومحمد بن إسماعيل من أهل أستجه ([65])، وكان شيخا فاضلا ذكر ابن الفرضي أنه كثيرا ما يسأله عن معاني في الحديث تشكل عليه ([66])، كما كتب عنه عبد الله بن شعيب بن أبي شعيب من أهل ([67]) أشبونة ([68]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير