وكان بعضهم يسأل من يعتقد أنه صاحب هذا الأمر فيجيبه ذاك بأجوبة مبهمة، ومنهم من كان يتنصل ويقول: إن الموعد ما جاء ولكنه اقترب، ومنهم من كان يضرب له أجلاً محدودًا، ولكن مرت السنون والقرون، ولم يكن ما توقعوا أن سيكون.
وقد جرت هذه العقيدة على المسلمين شقاءً طويلاً؛ إذ قام فيهم كثيرون بهذه الدعوى، وخرجوا على الحكام، فسفكت بذلك دماء غزيرة، وكان شر فتنها فتنة البابية الذين أفسدوا عقائد كثير من المسلمين، وأخرجوهم من الإسلام ووضعوا لهم دينًا جديدًا، وفي الشيعة ظهرت هذه الفتنة - وبهم قامت - ثم تعدى شرها إلى غيرهم، ولا يزال الباقون منهم ومن سائر المسلمين ينتظرون ظهور المهدي، ونصر الإسلام به، فهم مستعدون بهذا الاعتقاد لفتنة أخرى، نسأل الله أن يقيهم شرها.
ومن الخذلان الذي ابتلي به المسلمون أن هذه العقيدة مبنية عندهم على القوة الغيبية، والتأييد السماوي؛ لذلك كانت سببًا في ضعف استعدادهم العسكري فصاروا أضعف الأمم بعد أن كانوا أقواها، وأشدهم ضعفًا أشدهم بهذه العقيدة تمسكًا وهم مسلمو الشيعة في إيران، فإن المسألة عندهم اعتقادية أما سائر المسلمين فالأمر عندهم أهون، فإن منكر المهدي عندهم لا يعد منكرًا لأصل من الدين.
ولو كانوا يعتقدون أنه يقوم بالسنن الإلهية والأسباب الكونية لاستعدوا لظهوره بما استطاعوا من قوة، ولكان هذا الاعتقاد نافعًا لهم.
وجملة القول أننا لا نعتقد بهذا المهدي المنتظر، ونقول بضرر الاعتقاد به , ولو ظهر ونحن له منكرون لما ضره ذلك إذا كان مؤيدًا بالخوارق كما يقولون.
وقد بينا ذلك في كتابنا (الحكمة الشرعية) وفي هذه الأيام ألف أحد علماء الفرس (زعيم الدولة الدكتور ميرزا محمد مهدي خان رئيس الحكماء) المقيم بالقاهرة كتابًا في تاريخ البابية يطبع عندنا الآن واسمه (مفتاح باب الأبواب)، وقد ذكر فيه أصل هذا الاعتقاد وما ورد فيه وتاريخ من ادعى المهدوية مجملاً , وماذا كان من أثر ذلك فلينتظر صدوره محبو التفصيل فإن العاقل يستنبط منه ما سكت المصنف عن استنباطه عمدًا.
نقلا ً عن مجلة المنار المجلد السابع الجزء الرابع ص: 138
(خروج معاوية على عليّ)
(س18) ومنه: أفدنا عن معاوية بن أبي سفيان هل هو محق فيما ادعى به على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في طلب الخلافة أو مخطئ أو فاسق كما قال ابن حجر في الصواعق المحرقة أو عاصٍ؟!.
نرجو الجواب الشافي ولا نرضى بقولهم: المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد!.
(ج) إن سيرة معاوية تفيد بجملتها وتفصيلها أنه كان طالبًا للملك ومحبًّا للرياسة (كذبت و الله) , وإني لأعتقد أنه قد وثب على هذا الأمر مفتاتًا وأنه لم يكن له أن يحجم عن مبايعة علي بعد أن بايعه أولو الأمر أهل الحل والعقد , وإن كان يعتقد أنه قادر على القيام بأعباء الأمة كما يقولون فما كل معتقد بأهليته لشيء يجوز له أن ينازع فيه , وقد كان علي يعتقد أنه أحق بالخلافة ولما بايع الناس مَن قبله بايع لئلا يفرق كلمة المسلمين ويشق عصاهم , ومعاوية لم يراعِ ذلك.
وأنه هو الذي أحرج المسلمين حتى تفرقوا واقتتلوا وبه صارت الخلافة ملكًا عَضوضًا , ثم إنه جعلها وراثة في قومه الذين حولوا أمر المسلمين عن القرآن بإضعاف الشورى بل بإبطالها واستبدال الاستبداد بها حتى قال قائلهم على المنبر: (مَن قال لي: اتق الله ضربت عنقه)! بعد ما كان أبو بكر يقول على المنبر: (وليت عليكم ولست بخيركم فإذا استقمت فأعينوني وإذا زغت فقوِّموني) وكان عمر يقول: (مَن رأى منكم فيَّ اعوجاجًا فليقومه) , وإنني على اعتقادي هذا لا أرى للمسلمين خيرًا في الطعن في الأشخاص والنبز بالألقاب واللعن والسباب، وإنما عليهم أن يبحثوا عن الحقائق ليعلموا من أين جاءهم البلاء فيسعوا في تلافيه مع الاتحاد والاعتصام والاقتداء بالسلف الصالح في حسن الأدب لا سيما مع الصحابة الكرام.
ومما أنكره رشيد رضا
أن عيسى عليه السلام قد رفع ببدنه
وأنكر الأحاديث المتواترة في الصحيحين وغيرهما
من نزول المسيح عليه السلام آخر الزمان
فهل يبقى بعد هذا سلفيا ً
انظروا ماذا يقول:
¥