تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحديث الرابع والأربعون: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم:

% - "يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثاً".

قلت: روي عن أبي هريرة من طريقين:

الأول: أخرجه الدارقطني في "سننه" عن عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً"، انتهى. قال الدارقطني: تفرد به عبد الوهاب بن الضحاك عن ابن عياش، وهو متروك، وغيره يرويه عن ابن عياش بهذا الإسناد، فاغسلوه سبعاً، وهو الصحيح، انتهى. وأخرجه الدارقطني أيضاً عن عبد الملك (1) بن سليمان عن عطاء عن أبي هريرة، قال: إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه ثم اغسله ثلاث مرات، وأخرجه بهذا الإسناد عن أبي هريرة، أنه كان إذا ولغ الكلب في الإناء أهراقه وغسله ثلاث مرات، انتهى. قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": وهذا سند صحيح، انتهى (2).

الطريق الثاني: أخرجه ابن عدي في "الكامل" عن الحسين بن علي الكرابيسي ثنا إسحاق الأزرق ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرهقه وليغسله ثلاث مرات"، انتهى. ثم أخرجه عن عمرو بن شيبة ثنا إسحاق الأزرق به موقوفاً، قال: ولم يرفعه غير الكرابيسي، والكرابيسي لم أجد له حديثاً منكراً غير هذا، وإنما حمل عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن، فأما في الحديث فلم أرَ به بأساً، انتهى كلامه. ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" من طريق ابن عدي، ثم قال: هذا حديث لا يصح، لم يرفعه غير الكرابيسي، وهو ممن لا يحتج بحديثه، انتهى. وقال البيهقي في "كتاب المعرفة": حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في "غسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات"، تفرد به عبد الملك من بين أصحاب عطاء ثم عطاء من بين أصحاب أبي هريرة، والحفاظ الثقات من أصحاب عطاء، وأصحاب أبي هريرة يروونه "سبع مرات"، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات، ولمخالفته أهل الحفظ والثقة - في بعض رواياته - تركه شعبة بن الحجاج، ولم يحتج به البخاري في "صحيحه"، وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فمنهم من يرويه عنه مرفوعاً، ومنهم من يرويه عنه من قول أبي هريرة، ومنهم من يرويه عنه من فعله، قال: وقد اعتمد الطحاوي على الرواية الموقوفة في نسخ حديث "السبع" وأن أبا هريرة لا يخالف النبي صلى اللّه عليه وسلم فيما يرويه عنه، وكيف يجوز ترك رواية الحفاظ الأثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطاً برواية واحد قد عرف بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه، انتهى. وهذا الذي نقله عن الطحاوي ذكره في "شرح الآثار" فقال بعد أن روى الموقوف عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة، قال: إذا ولغ الكلب، الخ، ثم قال: فثبت بذلك نسخ "السبع" لأنا نحسن الظن بأبي هريرة، ولا يجوز عليه أنه يترك ما سمعه (3) من النبي صلى اللّه عليه وسلم، وإلا سقطت عدالته، ولم يقبل روايته، بل كان يجب على الخصم المخالف أن يعمل بحديث عبد اللّه بن المغفل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، رواه مسلم أنه يغسل يسبعاً، ويعفر الثامنة بالتراب، لأنه قد زاد على السبع، والأخذ بالزائد أوجب عملاً بالحديثين، وهم لا يقولون به، فثبت أنه منسوخ، انتهى.


(1) عبد الملك بن أبي سليمان ثقة حجة ثبت، كذا في "هامش محلى" ص 115 - ج 1.

(2) قلت أما عطاء: فعطاء بن أبي رباح، وأما عبد الملك بن أبي سليمان، فروى له مسلم، وأصحاب السنن، وقال ابن سعد: كان ثقة مأموناً ثبتاً، وقال ابن عمار الموصلي: ثقة ثبت في الحديث، وقال الثوري: ثقة متقن فقيه، وقال الترمذي: ثقة مأمون، وثقه أحمد. ويحيى. والنسائي. وآخرون، وإنما أنكر عليه شعبة حديث الشفعة، قال الخطيب: أساء شعبة في اختياره حيث حدث عن محمد بن عبد اللّه الرومي، وترك عبد الملك بن أبي سليمان، لأن محمد بن عبيد اللّه لم يختلف الأئمة من أهل الأثر في سقوط روايته، وذهاب حديثه، وأما عبد الملك بن أبي سليمان، فثناؤهم عليه مستفيض، وحسن ذكرهم له مشهور، اهـ. أما من دونه فعند الطحاوي: عبد السلام، وهو ثقة، روى له الشيخان، وروى الدارقطني من طريق إسحاق الأزرق. وابن فضيل عن عبد الملك، فبرأ عبد السلام، من التفرد به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير