تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كَانَ فِيهِ وَمَا يَكُونُ فَهَكَذَا يَتَذَكّرُ الْإِنْسَانُ بِأَعْظَمِ مَوَاقِفِ الدّنْيَا - وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ - الْمَوْقِفَ الْأَعْظَمَ بَيْنَ يَدَيْ الرّبّ سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ وَلَا يَتَنَصّفُ حَتّى يَسْتَقِرّ أَهْلُ الْجَنّةِ فِي مَنَازِلِهِمْ وَأَهْلُ النّارِ فِي مَنَازِلِهِمْ.

ا لثّامِنُ أَنّ الطّاعَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي سَائِرِ الْأَيّامِ حَتّى إنّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْفُجُورِ يَحْتَرِمُونَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَلَيْلَتَهُ وَيَرَوْنَ أَنّ مَنْ تَجَرّأَ فِيهِ عَلَى مَعَاصِي اللّهِ عَزّ وَجَلّ عَجّلَ اللّهُ عُقُوبَتَهُ وَلَمْ يُمْهِلْهُ وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ اسْتَقَرّ عِنْدَهُمْ وَعَلِمُوهُ بِالتّجَارِبِ وَذَلِكَ لِعِظَمِ الْيَوْمِ وَشَرَفِهِ عِنْدَ اللّهِ وَاخْتِيَارِ اللّهِ سُبْحَانَهُ لَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَيّامِ وَلَا رَيْبَ أَنّ لِلْوَقْفَةِ فِيهِ مَزِيّةً عَلَى غَيْرِهِ.

التّاسِعُ أَنّهُ مُوَافِقٌ لِيَوْمِ الْمَزِيدِ فِي الْجَنّةِ وَهُوَ الْيَوْمُ الّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَهْلُ الْجَنّةِ فِي وَادٍ أَفْيَحَ وَيُنْصَبُ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَمَنَابِرُ مِنْ ذَهَبٍ وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ فَيَنْظُرُونَ إلَى رَبّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيَتَجَلّى لَهُمْ فَيَرَوْنَهُ عِيَانًا وَيَكُونُ أَسْرَعُهُمْ مُوَافَاةً أَعْجَلَهُمْ رَوَاحًا إلَى الْمَسْجِدِ وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ أَقْرَبَهُمْ مِنْ الْإِمَامِ فَأَهْلُ الْجَنّةِ مُشْتَاقُونَ إلَى يَوْمِ الْمَزِيدِ فِيهَا لِمَا يَنَالُونَ فِيهِ مِنْ الْكَرَامَةِ وَهُوَ يَوْمُ جُمْعَةٍ فَإِذَا وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ كَانَ لَهُ زِيَادَةُ مَزِيّةٍ وَاخْتِصَاصٍ وَفَضْلٍ لَيْسَ لِغَيْرِهِ.

الْعَاشِرُ أَنّهُ يَدْنُو الرّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ ثُمّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ أُشْهِدُكُمْ أَنّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ وَتَحْصُلُ مَعَ دُنُوّهِ مِنْهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةُ الْإِجَابَةِ الّتِي لَا يَرُدّ فِيهَا سَائِلًا يَسْأَلُ خَيْرًا فَيَقْرُبُونَ مِنْهُ بِدُعَائِهِ وَالتّضَرّعِ إلَيْهِ فِي تِلْكَ السّاعَةِ وَيَقْرُبُ مِنْهُمْ تَعَالَى نَوْعَيْنِ مِنْ الْقُرْبِ أَحَدُهُمَا: قُرْبُ الْإِجَابَةِ الْمُحَقّقَةِ فِي تِلْكَ السّاعَةِ وَالثّانِي: قُرْبُهُ الْخَاصّ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ وَمُبَاهَاتُهُ بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ فَتَسْتَشْعِرُ قُلُوبُ أَهْلِ الْإِيمَانِ هَذِهِ الْأُمُورَ فَتَزْدَادُ قُوّةً إلَى قُوّتِهَا وَفَرَحًا وَسُرُورًا وَابْتِهَاجًا وَرَجَاءً لِفَضْلِ رَبّهَا وَكَرَمِهِ فَبِهَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهَا فُضّلَتْ وَقْفَةُ يَوْمِ الْجُمْعَةِ عَلَى غَيْرِهَا

وَأَمّا مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ بِأَنّهَا تَعْدِلُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجّةً فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصّحَابَةِ وَالتّابِعِينَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ [خَصَائِصُ الطّيّبِ مِنْ عِبَادِ اللّهِ]

وَالْمَقْصُودُ أَنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اخْتَارَ مِنْ كُلّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَخْلُوقَاتِ أَطْيَبَهُ وَاخْتَصّهُ لِنَفْسِهِ وَارْتَضَاهُ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنّهُ تَعَالَى طَيّبٌ لَا يُحِبّ إلّا الطّيّبَ وَلَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ وَالْكَلَامِ وَالصّدَقَةِ إلّا الطّيّبَ فَالطّيّبُ مِنْ كُلّ شَيْءٍ هُوَ مُخْتَارُهُ تَعَالَى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير