تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

17ـ وسُئل القاضي أبو عمرو بنُ منظور عن إمام قرية يؤمُّ الناس، وهو يُحب طريقة الفقراء، وفي القرية زاوية يجتمع فيها بعضٌ من أصحاب القرية ليلة الجمعة وليلة الإثنين والإمام المذكور معهم، يستفتحون بعشْرٍ من القرآن ويبدؤون بالذكر الموصوف لهم، فإذا فرغوا منه يستفتحُ المَدَّاحُ وأصحابه دائرون عليه يضربون الكفّ ويقولون معه، والإمام المذكور يمدَحُ مع المدّاحين ويَضْرب الكفَّ معهم ويرقص مع الذي رقص منهم، فإذا كان ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم يمشي الإمام معهم إلى قرية أخرى بنحو عشرين ميلاً من قريتهم ويبقى المسجد بلا خطبة ولا إمام ولا أذان حتى يرجعون، وتكون غيبتهم أربعة أيّام أو ثلاثة أيام. فقيل إنّ الإمام الذي يعمل هذا لا تجوز إمامته، والذي يسمع العريف خيرٌ منَ الفقراء، والإمام المذكور يعلَمُ أنّ طريقةَ الفقراء بدعةٌ لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد التابعين بعده، ويعلمُ أنّ أفضل الذكر ما خفي، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ولكن حمَلَهُ على هذا محبّته في الذكر وفي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبّته في مُجَامعة الإخوان، هل يلزم من اغتاب هذه الطريقة شيء أم لا؟

فأجَابَ: تأمّلتُ السؤال بمحوله، وقد سُئل عن مثله العلماء الفقهاء الذين يُقتَدى بهم ويُعْمَلُ على قولهم، والكلُّ منعوا تلك الطريقة وقالوا بتبديع مرتكبها، والسنّةُ بخلاف ذلك، والرقصُ لا يجوز، وهو تلاعبٌ بالدِّين، وليس من أفعال عباد الله المهتدين. وإمامة مَنْ يرى هذا المذهب ويسلك طريقهم لا تجوز، لاسيما وقد انضاف إليه مع عمله هذا تعطيل المسجد وتركه دون مؤذّن ولا إمام. {ومَنْ أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكرَ فيها اسمه وسعى في خرابها} وهذا يدخل تحت الوعيد. وقولُ من قال إنّ مَنْ يسمع العريف خيرٌ من الفقراء فهذا يظهر أنه صحيح، ووجهه أنّ الذي يسمعُ العريف عاصٍ ويعلمُ أنه على غير شيء. وهذا الذي يشطح ويرقص يعتقد أنه على شيء وهو على غير شيء أو متلاعب، وما خُلقنا للعب، وهو بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ويكون للإمام حظّه من هذه الطريقة، وحضوره كافٍ في منع إمامته، لأنه مكثّر سوادهم، ومنْ كثّر سواد نوعٍ منهم عُدَّ منهم. وأمّا محبّة الرسول والصّحابة فيُتَوَصَّلُ إليها بغير هذا، وهي ساكنة في القلب، والإكثار من الصلاة والسلام عليه والرضى عن أصحابه في نفسه وفي بيته هو وجهُ العبادة. والطّاعنُ في هذا الإمام وإنْ كان من قرية أخرى قامَ على وجه الحُسْبة وتغيير المنكر، فلا عتابَ عليه إن شاء الله تعالى. فهذا وجه الجواب عن السؤال بمحوله. انتهى

18ـ وأجابَ: الشيخ أبو الحسن العامري: الاجتماعُ على الذكرِ إذا كان يَذْكر كلُّ واحد وحدَه، وأمّا على صوتٍ واحد فكرهه مالك. وأمّا القيامُ والشطح فمَنْ ظنَّ أنه عبادة فهو جاهل تجب عليه التوبة من ذلك، فإنْ ناظرَ على ذلك وقال إنّه عبادة فقد خالف الإجماع، ومُخالفَةُ الإجماع كُفْرٌ فيُسْتَتاب فإنْ تابَ وإلا قُتِلَ.

وكيفَ يعتقدُ أن يُعْبَدَ اللهُ بشطحٍ وهو لهوٌ ولعب؟ ‍‍!! انتهى

19ـ وأجَابَ: سيدي أبو عبد الله السرقسطي عن نظيرتها بما نصّه: جوابُ السؤال بمحوله أنّ طريقة الفقراء في الذكر الجهري على صوتٍ واحد والرقص والغناء بدعةٌ مُحدثة لم تكن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة في النّار. فمن أرادَ اتباع السُنّة واجتناب البدعة في ذكر الله والصلاة على رسوله فلْيَفْعَل ذلك منفرِداً بنفسه غير قارن ذكره بذكر غيره، ولْيُخْفِ ذكْرَهُ فهو أفضل له، وخير الذكر الخفي، وعمل السرّ يفضل عمل العلانية في النّوافل بسبعين ضِعْفاً. انتهى المعيار المُعْرب للونشريسي ج 1/ 160.

· رابعاً مذهب الحنابلة:

1ـ جاء في كتاب المغني لابن قُدامة المقدسي الحنبلي ج14/ 159 - 160

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير