تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى ذكر الزواج نأتي للمجهولة المشهورة في حياة ديدات، السيدة/ حواء حسين -81 عاما الآن-، ويمكننا أن نتخيل قدر الرعاية والدور الذي تلعبه هذه المرأة البسيطة في حياة الشيخ إذا ما نظرنا إلى آخر التقارير الطبية للشيخ ديدات التي تقول: "إن الشيخ لم يصب بأي من قرح الفراش رغم رقاده الطويل نظرا لعناية زوجته الفائقة به".

ولنبدأ بجانب طريف من قصة زواجهما: فقد جعل يوسف ديدات يسألنا أمام الشيخ: خمنوا كم من المرات تقدم فيها الشيخ للزواج ولم يفلح في مسعاه؟ وبعد أن أخذنا نخمن وجاءت تقديراتنا خاطئة ذكر الرقم: 33 مرة!!!

وعلق يوسف على ذلك: قد يعللها البعض بظروف الشيخ المادية وقتها، ولكن أجد ذلك لحكمة الله ليكفل له هذه الزوجة التي أسميها "أم الأمهات" mother of the mothers ، الغريب أن الشيخ لدى رؤيته للسيدة حواء في البداية لم يقتنع بالزواج منها فقد كانت نحيفة وكان يرغب وقتها في مواصفات مختلفة!! ولكنه وبالإنصات للنصيحة تزوج منها…

حاولت أن أجري حوارا مع العجوز البسيطة التي تملك روح الجدات -وكان يوسف يقوم بتبسيط الأسئلة قدر الإمكان ويتطوع بالإجابة على تفاصيل أغلبها- وكانت إجابتها شديدة البراءة. فحينما سألتها عما تفعله الآن وماذا تقدم للشيخ؟ أجابت: أفتح الستائر صباحا، أعدل من وضع الوسائد للشيخ، وأقلبه حتى لا يصاب بأذى، أغسل وأنظف المناشف .. أعتني بنظافته، أصنع له طعام البرياني الذي يحبه كثيرا (الشيخ ديدات ما زال يشعر ويتذوق، ولكنه يتناول أكلاته بعد تجهيزها لتصل إلى معدته عبر أنبوب).

وعن دورها وتشجيعها له تقول: نعم، كنت أجلس هنا بينما يسافر ويجري مناظراته، إنني أحب ما يفعل .. هنا يتدخل يوسف ديدات في الحوار ليقول: كان أبي حينما يجري مناظرة يأتي على العشاء ليسأل أمي عما كانت عليه مناظرته، فتجيب: كانت رائعة، فيسألها عما فهمت منها، فتلتفت لتوبخ أحد الصغار لتصرف نظره عن السؤال.

وابتسم قائلا: رغم أن ديدات عالم ومحلل وهي سيدة بسيطة لا تعي أغلب ما يقول فإنني لا أذكر أي مشاحنات بينهما، إنهما كانا مختلفين تماما، ولكنهما كانا متوافقين إلى أقصى حد ..

لقد استقرت وتفرغت لأمر الأبناء .. وللشيخ 3 أبناء: إبراهيم الابن الأكبر وهو مقيم حاليا بالولايات المتحدة، والابنة رقية التي توفيت منذ عدة سنوات وتكفل الشيخ في نفس عام وفاتها بابنتها سمية التي تزوجت وتعيش في السعودية، ويوسف الابن الأصغر المقيم والمرافق لوالده. ويضيف يوسف: إن والدي يعتبر كل يوم تظل فيه أمي على قيد الحياة يوم ميلاد وعيدا لنا جميعا.

أما الشيخ نفسه فحينما سألته عما تمثله بالنسبة له فأجاب عبر حركة عينيه التي ترجمها يوسف: هي سندي My Back Bone منذ أن بدأت أمر الدعوة والمناظرات .. وقال: إنه لم يفكر رغم بساطتها من الزواج بغيرها.

وحينما طلبت من كل من الشيخ ديدات والسيدة حواء أن يرسل كل منهما رسالة للآخر كانت رسالة السيدة حواء هي: "سامحني إذا كان قد بدر مني أي شيء"، كانت كلمات قليلة ومؤثرة أبكت الشيخ وابنه. أما رسالة الشيخ إليها فكانت: "خذي الأمر ببساطة .. هوني عليك".

وقتها علق لنا يوسف بأن الشيخ عادة لا يقول كلمة إلا ويعنيها ويحمل بها عددا من الرسائل وضرب مثالا على ذلك برده على صحفيين أمريكيين أتوا إلى زيارته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ليحاوروه، وكان من بين أسئلتهم: ماذا كنت تفعل بعدما حدث لو كنت رئيساً لولايات المتحدة الأمريكية؟ فأجاب الشيخ (الراقد): كنت سأعمل على أن تؤدي ربيبتي "إسرائيل" العدل تجاه الفلسطينيين .. أوقفوا ما يحدث وكونوا عدولا.

أنهينا حوارنا .. وقد أصرت السيدة حواء ألا تتركنا نرحل (زميلتي ورفيقة رحلتي أروى وأنا) -رغم تأخرنا على موعد الطائرة- دون أن تقدم لنا تحية الضيف، صلينا الظهر بمنزل الشيخ وفي مكتبته، وحينما هممت بالانصراف، آثرت أن أعود لغرفته لأحييه فوجدته يتابع شريط فيديو وصله من الولايات المتحدة عن القضية الفلسطينية وما وصلت إليه، ابتسمت سرًّا وخرجت أردد: اللهم ارزقنا -مثل من ضرب مثلا عبر حياته لقدرة البسطاء على العمل لما يعتنقون ويؤمنون به- قلبًا شاكرًا وعقلاً واعيًا ولسانًا ذاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا .. آمين.

http://www.islamonline.net/arabic/famous/2002/11/article05c.shtml

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير