تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسواء كان تعجيله لاغتنام زمان فاضل، أولاغتنام الصدقة على من لا يجد مثله في الحاجة، أوكان لمشقة إخراج الزكاة عليه عند تمام الحول جملة، فيكون التفريق في طول الحول أرفق به، وقد صرَّح مجاهد بجواز التعجيل على هذا الوجه، وهو مقتضى إطلاق الأكثرين، وخالف في هذه الصورة إسحاق9، نقله عنه ابن منصور، وأما إذا حال الحول فليس له التأخير بعد ذلك عند الأكثرين، وعن أحمد يجوز تأخيرها إلى زمن فاضل لا يوجد مثله كرمضان ونحوه، وروى يزيد الرقاشي عن أنس أن المسلمين كانوا يخرجون زكاتهم في شعبان تقوية على الاستعداد لرمضان، وفي الإسناد ضعف).10

د. تخصيص رجب كله بالصوم

من الأمور المحدثة في شهر رجب فيما يتعلق بالصيام تخصيص البعض صيام شهر رجب كله، حيث لم يرد نص في ذلك، وإنما جاء النص بفضل الصيام في الأشهر الحرم من غير تخصيص.

قال ابن رجب الحنبلي وهو يعدِّد ما جاء في أيام وشهور السنة المختلفة من العبادات: (وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولكن روي عن أبي قلابة قال: في الجنة قصر لصوام رجب، قال البيهقي: أبو قلابة من كبار التابعين، لا يقول مثله إلا عن بلاغ، وإنما ورد في صيام الأشهر الحرم كلها حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أوعمها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "صم من الحرم واترك"، قالها ثلاثاً، أخرجه أبو داود وغيره، وخرجه ابن ماجة وعنده: "صم أشهر الحرم"، وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها، منهم ابن عمر11، والحسن البصري، وأبو إسحاق السبيعي، وقال الثوري: الأشهر الحرم أحبُّ إليَّ أن أصوم فيها، وجاء في حديث خرجه ابن ماجة: أن أسامة بن يزيد كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صم شوالاً"، فترك الأشهر الحرم وصام شوالاً حتى مات، وفي سنده انقطاع، وخرج ابن ماجة أيضاً بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب، والصحيح وقفه على ابن عباس، ورواه عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد سبق لفظه، وروى عبد الرزاق في كتابه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد سبق لفظه، وروى عبد الرزاق في كتابه عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يصومون رجباً، فقال: "أين هم من شعبان"، وروى أزهر بن سعيد الجمحي عن أمه أنها سألت عائشة عن صوم رجب، فقالت: إن كنتِ صائمة فعليك بشعبان، وروي مرفوعاً ووقفه أصح، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام، ويقول: ما رجب! إن رجباً كان يعظمه أهل الجاهلية، فلما كان الإسلام ترك؛ وفي رواية: كره أن يكون صيامه سنة؛ وعن أبي بكرة أنه رأى أهله يتهيأون لصيام رجب، فقال لهم: أجعلتم رجب كرمضان؟ وألقى السلاسل وكسر الكيزان12؛ وعن ابن عباس أنه كره أن يصام رجب كله، وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يريان أن يفطر منه أياماً، وكرهه أنس أيضاً وسعيد بن جبير، وكره صيام رجب كله يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام أحمد، وقال: يفطر منه يوماً أويومين، وحكاه عن ابن عمر وابن عباس، وقال الشافعي في القديم: أكره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله كما يكمل رمضان، واحتج بحديث عائشة: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهراً قط إلا رمضان"، قال: وكذلك يوماً من بين الأيام، وقال: إنما كرهته أن لا يتاسى رجل جاهل فيظن أن ذلك واجب، وإن فعل فحسن، وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم، بأن يصوم معه شهراً آخر تطوعاً عند بعض أصحابنا، مثل أن يصوم الأشهر الحرم، أويصوم رجب وشعبان، وقد تقدم عن عمر وغيره صيام الأشهر الحرم، والمنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر، وروي عن ابن عمر ما يدل عليه، فإنه بلغه أن قوماً أنكروا عليه أنه حرَّم صوم رجب، فقال: كيف بمن يصوم الدهر؟ وهذا يدل على أنه لا يصام رجب إلا مع صوم الدهر، وروى يوسف بن عطية عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم بعد رمضان إلا رجباً وشعبان، ويوسف ضعيف جداً، وروى أبو يوسف القاضي عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وربما أخَّر ذلك حتى يقضيه في رجب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير