تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد دار حوار في الشريط رقم (585) بين الشيخ رحمه الله وبين أحد الأخوة الذي كان يقول بكراهة اسقبال القبلة بالبول أو الغائط بلا تفريق بين الصحراء و البنيان جاء فيه: " الأخ: زال النص [أي حديث النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط] بعمومه من التحريم إلى الكراهة لأن البنيان وصف ملغىً جمعاً بين النصين. الشيخ: ما الدليل؟ الأخ: ما في فرق بين الصحراء والبنيان لأن البنيان حاجز و الصحراء فيها حاجز، ما في فرق عن الكعبة وهي العلة المذكورة [أي للتفريق]. الشيخ: الآن، هذا الجواب ينقلنا لشيء، من الذي يقول بهذا التعليل الذي تقوله أنت من أهل العلم الذين نستعين بهم لتقويم آرائنا و أفكارنا؟ الأخ: بالنسبة للقول بالكراهة أم التعليل نفسه؟ الشيخ: لا لا التعليل" وحيث لم يستحضر الأخ من يقول بهذا التعليل فقد طلب منه الشيخ أن يستحضر وأنهى الجلسة.

فإذا كان الشيخ رحمه الله لم يقبل أن يأتي هو أو أحد غيره ـ لاحظ صيغة الجمع في كلامه ـ بتعليل لقول قال به بعض أهل العلم إذا كان هذا التعليل لم يقل به أحد من أهل العلم، فمن باب أولى ألا يقبل أن يأتي أحد بقول لم يقل به أحد من قبل، وهذا متسق تماماً مع ما كان ينادي به دائماً ألا وهو ضبط الأخذ من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فإذا وجدناه رحمه الله قد خالف مذهبه هذا في مسألتنا هذه أو غيرها علمنا أن هذا وقع بعلم الله وحكمته، فمن فوائد ذلك ألا يفتن أحد بالشيخ فيوقن الجميع أنه لا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، و أن هذا الخطأ ـ إن وقع ـ هو اختبار لنا جميعاً يتبين به من يحاكم كلام الشيخ وغيره إلى ذلك الأصل الأصيل ـ فهم السلف ـ ومن يستثني من ذاك الأصل استثناءات لا مبرر لها.

قال الشيخ: الجواب رقم اثنين أن أحداً من هؤلاء المتعصبين الذين لم يطرأ عليهم الحديث إلا في هذه الآونة الأخيرة {لا تصوموا يوم السبت ... } فوجئوا بهذا الحديث ولسان حالهم وبعضهم قد يكون لسان قالهم ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، فيبدؤون ويطرحون هذه الإشكالات: أنت تقول أننا لا نعمل بالحديث الذي لم نسبق من أحد إلى العمل به، كيف أنت تقول هكذا [أي كيف تقول بحرمة صوم السبت في غير الفريضة]؟ جوابنا رقم اثنين هل أنتم تدعون الإجماع على صيام يوم السبت لأنه كان فيه يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أي يوم فضيل عادة؟ ما يستطيعون يدعون الإجماع على ذلك، هذا يريحنا و يكفينا دفعاً لشبهتهم لأنهم لا يقولون بالإجماع فنحن أولى ألا نقول بالإجماع إذاً طلبهم ساقط،

الجواب: إن الذي يدعيه المخالفون للشيخ رحمه الله في هذه المسألة هو أن الأمة بسلفها وخلفها، بفقهائها ومحدثيها و عبادها و زهادها طيلة أربعة عشر قرناً لم تعرف القول بحرمة صيام السبت في غير الفريضة قبل أن يقول الشيخ بذلك، ومحال أن تجتمع الأمة على ضلال.

وهنا قد يقول قائل إن أقصى ما معكم هو عدم العلم بالقائل بالحرمة وهو ليس علماً بعدمه، و "ما يدريكم لعل الناس اختلفوا؟ "، و أيضاً فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يثبت بنفسه لا بعمل غيره بعده والجواب:

1. القائلون بجواز صوم السبت على كل حال لهم سلفهم، والقائلون بكراهة إفراده لهم سلفهم، والقائلون بالحرمة لا سلف لهم، وإلا فالبينة على من ادعى.

2. إذا لم يأت القائلون بالحرمة بسلف لهم فإنهم يدخلون ضمن مجموع الأمة التي ذكرنا أنها لم تعرف هذا القول من قبل.

3. أما قولهم لعل الناس اختلفوا فهذا إن كان مقبولاً من الإمام أحمد رحمه الله في زمانه فليس مقبولاً الآن بعد هذه القرون حيث دونت كتب الحديث والفقه واستقرت المذاهب، و هل يتصور إن كان القول بالحرمة هو الحق والصواب ألا يجد ـ لا أقول من ينصره ـ بل من يذكره طوال تلك القرون؟ و لو تنزلنا قليلاً و قلنا أنه ربما قال به أحد لم نعلمه، فهل تغير الأمر بالنسبة للأمة؟ أليس هذا القول قد خفي على مجموعها طوال تلك القرون؟ أليس هذا الخفاء يدل على أن ذلك القول ليس بالحق قطعاً.

4. الذي يتمسك بعبارة أحمد رحمه الله يجب أن يتذكر جيداً قوله " لا تقل في مسألة بقول ليس لك فيه سلف"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير