تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القسم الأول: ما يختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإِسناد، فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة، وعلله الناقد بالطريق الناقصة، فهو تعليل مردود، لأن الراوي إن كان سمعه فالزيادة لا تضر، لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه ثم لقيه فسمعه منه، وإن كان لم يسمعه في الطريق الناقصة فهو منقطع، والمنقطع ضعيف والضعيف لا يعل الصحيح، ومن أمثلة ذلك: ما أخرجاه من طريق الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس في قصة القبرين، قال الدارقطني في انتقاده: قد خالف منصور، فقال عن مجاهد عن ابن عباس، وأخرج البخاري حديث منصور على إسقاط طاوس، قال وحديث الأعمش أصح، وهذا في التحقيق ليس بعلة، فإن مجاهداًً لم يوصف بالتدليس، وقد صح سماعه من ابن عباس،و منصور عندهم أتقن من الأعمش، و الأعمش أيضاً مِن الحفاظ، فالحديث كيفما دار دار على ثقة، والإِسناد كيفما دار كان متصلاً، وقد أكثر الشيخان من تخريج مثل هذا.

وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة، وعلله الناقد بالمزيدة، تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف، فيُنْظر: إن كان الراوي صحابياً أو ثقة غير مدلس قد أدرك من روى عنه إدراكاً بيناً، أو صرح بالسماع إن كان مدلساً من طريق أخرى، فإن وجد ذلك اندفع الاعتراض بذلك، وإن لم يوجد وكان الانقطاع ظاهراً، فمحصل الجواب أنه إنما أخرج مثل ذلك حيث له سائغ وعاضد، وحفته قرينة في الجملة تقويه، ويكون التصحيح وقع من حيث المجموع، مثاله: ما رواه البخاري من حديث أبي مروان عن هشام بن عروة عن أبيه عن أم سلمة، أن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - قال لها: (إذا صليت الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون) الحديث، قال الدارقطني: هذا منقطع، وقد وصله حفص بن غياث عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة، ووصله مالك في الموطأ عن أبي الأسود عن عروة كذلك، قال الحافظ: حديث مالك عند البخاري مقرون بحديث أبي مروان، وقد وقع في رواية الأصيلي عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة موصلاًً، وعليها اعتمد المزّي في الأطراف، ولكن معظم الروايات على إسقاط زينب، قال أبو علي الجياني: وهو الصحيح، وكذا أخرجه الإِسماعيلي بإسقاطها من حديث عبدة بن سليمان، و محاضر و حسان بن إبراهيم، كلهم عن هشام وهو المحفوظ من حديثه.

وإنما اعتمد البخاري فيه رواية مالك التي أثبت فيها ذكر زينب، ثم ساق معها رواية هشام التي أسقطت منها، حاكياً للخلاف فيه على عروة كعادته، مع أن سماع عروة من أم سلمة ليس بالمستبعد.

وربما علل بعض النقاد أحاديث ادعى فيها الانقطاع، لكونها مروية بالمكاتبة والإِجازة، وهذا لا يلزم منه الانقطاع عند من يسوغ ذلك، بل في تخريج صاحب الصحيح لمثل ذلك دليل على صحته عنده.

القسم الثاني: ما يختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإِسناد، والجواب عنه: أنه إن أمكن الجمع، بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما، حيث يكون المختلفون في ذلك متعادلين في الحفظ والعدد، أو متفاوتين، فيخرج الطريقة الراجحة، ويعرض عن المرجوحة، أو يشير إليها.

فالتعليل بجميع ذلك لمجرد الاختلاف غير قادح، إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف.

القسم الثالث: ما تفرد فيه بعض الرواة بزيادة لم يذكرها أكثر منه، أو أضبط، وهذا لا يؤثر التعليل به، إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع، وإلا فهي كالحديث المستقل.

القسم الرابع: ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف، وليس في الصحيح من هذا القبيل غير حديثين تبين أن كلاً منهما قد توبع:

أحدهما: حديث إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: " أن عمر استعمل مولى له يدعي هنياً على الحمى " الحديثَ بطوله، قال الدارقطني: إسماعيل ضعيف، قال الحافظ: ولم ينفرد به، بل تابعه معن بن عيسى عن مالك، ثم إن إسماعيل ضعفه النسائي وغيره، وقال أحمد و ابن معين في رواية: لا بأس به، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وإن كان مغفلاً، وقد صح أن أخرج البخاري أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله، وأخرج له مسلم أقل مما أخرج له البخاري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير