تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثابت عن مسلم رحمه الله قوله: " عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكلّ ما أشار أنّ له علّة تركته، وكلّ ما قال أنّه صحيح وليس له علّة أخرجته ".

بين البخاري وابن المديني

ثم نقل عبارة أوردها الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ليرد عليها، ويبين بطلانها، مستدلاً بها على خيانة البخاري، وعدم أمانته العلمية، وسرقته لجهود الآخرين، ورغبته في التصدر والشهرة على حساب غيره، وحتى يعطوا العبارة قيمة علمية نسبوها إلى الحافظ في (تهذيب التهذيب 9/ 46) وتم بتر الرد، وتعقيب الحافظ عليها، وإغفال الكلام الذي قبله في ثناء العلماء والمحدثين على الإمام البخاري، والدفاع عنه، وبطلان ما نسب إليه.

والعبارة هي قول مسلمة: وألّف علي بن المديني كتاب العلل، وكان ضنياً به فغاب يوماً في بعض ضياعه، فجاء البخاري إلى بعض بنية ورغبه بالمال، على أن يرى الكتاب يوماً واحداً، فأعطاه له فدفعه إلى النساخ فكتبوه له، ورده إليه، فلما حضر علي تكلم بشيء، فأجابه البخاري بنص كلامه مراراً، ففهم القضية، واغتنم لذلك، فلم يزل مغموماً حتى مات بعد يسير، واستغني البخاري عنه بذلك الكتاب، وخرج إلى خراسان، ووضع كتابه الصحيح فعظم شأنه وعلا ذكره ".

قال الحافظ رحمه الله بعد أن أورد هذا لكلام: " قلت إنما أوردت كلام مسلمة هذا لأبين فساده ... وأما القصة التي حكاها فيما يتعلق بالعلل لابن المديني، فإنها غنية عن الردِّ لظهور فسادها، وحسبك أنها بلا إسناد، وأن البخاري لما مات علي كان مقيماً ببلاده، وأن العلل لابن المديني قد سمعها منه غير واحد غير البخاري، فلو كان ضنيناً بها لم يخرجها، إلى غير ذلك من وجوه البطلان لهذه الأخلوقة والله الموفق.

فانظر أخي القارئ إلى هذا التلبيس والتحريف المتعمد، وبتر الكلام لتشويه صورة هذا الإمام الجليل.

النووي وصحيح مسلم

ومما ادعاه أيضاً أن الإمام النووي نفسه شكك في موارد مختلفة في صحة بعض الأحاديث التي خرجها مسلم، بل وصرح ببطلان البعض الآخر، مستدلاً بعبارته في شرحه لمقدمة مسلم على الصحيح: " وأما قول مسلم رحمه الله في صحيحه في باب صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله -: " ليس كل شيء صحيح عندي وضعته هنا ـ يعني في كتابه هذا الصحيح ـ وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه " فمشكل، فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفاً في صحتها، لكونها من حديث من ذكرناه، ومن لم نذكره، ممن اختلفوا في صحة حديثه " (شرح النووي 1/ 16).

وعبارته في شرحه لحديث أبي سلمة في " باب بدء الوحي "، الذي يتضمن أن أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي سورة المدثر، حيث ادعى أن النووي صرح بأن هذا الحديث ضعيف، بل باطل، لأن أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي " اقرأ باسم ربك ".

مع أن هذا الاستشكال في الموضع الأول إنما هو في توجيه عبارة الإمام مسلم، مع ما علم من وجود بعض الأحاديث والرجال المنتقدين - كما سبق -، وليس فيه أبداً ما يدل على تشكيك النووي رحمه الله في أحاديث الصحيح، أو اتخاذ موقف منها كما أراد هذا الملبس أن يصوره.

والإمام النووي رحمه الله لم يكتف بإيراد الإشكال فحسب، بل أعقبه بما يرده، فذكر توجيه الأئمة لعبارة الإمام مسلم، والتي حذفها المغرض لأنها لا تخدمه كما فعل مع سابقاتها حيث ذكر بعد الكلام السابق توجيه الإمام ابن الصلاح في كتابه " صيانة صحيح مسلم " فقال: " قال الشيخ - يعني ابن الصلاح وجوابه من وجهين:

أحدهما: أن مراده أنه لم يضع فيه إلا ما وجد عنده فيه شروط الصحيح المجمع عليه، وإن لم يظهر اجتماعها في بعض الأحاديث عند بعضهم.

والثاني: أنه أراد أنه لم يضع فيه ما اختلفت الثقات فيه في نفس الحديث متناً أو إسنادا، وليس ما كان اختلافهم إنما هو في توثيق بعض رواته، كما هو ظاهر كلامه، فإنه ذكر ذلك لما سئل عن حديث أبي هريرة (فإذا قرأ فأنصتوا) هل هو صحيح؟ فقال: " هو عندي صحيح، فقيل لم لم تضعه ها هنا؟، فأجاب بالكلام المذكور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير