تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جرّبت تنافس الضرات (الجارات) في حظهن من الرجل، فوجدت الغيرة في جانبهن تتعرّى من الإنسانية، ويضعف وازع الدين وباعث المرحمة جداً .. وهذا أمر يعتري نساأَ ( ü) الصالحين، وزوجات السروات والأشراف، ويُلتمس لهن جوانب من العذر، لأن الحظ من الرجل مشترك محدود، ولأنه من الحب ما قتل، ولهذا كان باب عِشرة النساإ من فقهنا الإسلامي دقيق التربية في حقوق النساإ، وكان العدل أو السلامة من أعبائهن أمراً مشدداً عليه!! .. ولكن الذي لا يقبل فيه غيرة كغيرة الضرات هو صحبة السلطان المسلم أو نائبه من القائمين بحق رعيتهم .. إنما ينبغي التنافس إليه وله في فعل الخيرات بالنصح المغلّف في أفواف الزهر دون نفاق ممجوج، وتبشيره بما يسره: من جراء خير بذله، أو شر دفعه .. والإلماح برفق في ظرف مناسب ببلاغ مقتصد دون تهويل عن مشاعر الناس إزاأ خطإٍ عابر، والشفاعة للمسلمين في قضاإ حوائجهم دون إملال، ودون أن يكون في الشفاعة إضرار بطرف آخر، ودون أن تكون الشفاعة محرجة للمسأول في أمانة مسأوليته .. ومن التنافس أن تستدرج المسأول ـ ولو بعد كل عام مرة ـ من ترك مكروه إلى فعل واجب، ومن فعل مباح إلى فعل مستحب .. ولا يمنعك من ذلك أنك مقصر في أمور كثيرة، وإنما الحذر من أن تنصحه عن أمر تقترفه أنت، فينالك التقريع في قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} .. ولكنه إن استفتاك فأفته بالحق، ولا ترخص له بما تقترفه من مخالفة .. فإن قال لك: كيف تفتيني بكذا وأنت تفعل كذا؟ .. فاعترف له بأنك مذنب أو مقصر، فإن اقتراف أكبر المحرمات ـ غير الشرك بالله ـ فسق، واستحلال ما هو دون ذلك بالفتوى كفر .. و من آداب الصحبة للسلطان ألاّ تسعى في الإيقاع بمسلم علمت ببدور مخالفة منه في حق ولي الأمر وأنت تجد سبيلاً لاستصلاحه من قِبَلك، أو تجد سبيلاً لاستصلاحه من قبل السلطان نفسه، وقدم جانب الترغيب على الترهيب في كل اقتراح، لأن المسلمين رحمة للخلق فكيف لا يكونون رحماأَ بينهم؟! .. وقدم جانب الدعاإ على الثناإ، لأن الدعاأ مستثمر في العاجل والآجل، والثناء إرضاأُ في لحظة عابرة .. على أن الثناأَ لا يترك بالمرة ولاسيما على جلائل الأعمال، لأن الثناأ استحثاث على فعل الخير، ولأنه عاجل بشرى المؤمن .. و من آداب الصحبة إبعاد المنغصات عن جو المسأول في نزهته، والحرص على ما يأنسه ويسره من المباح، لأن صفاأ نفس المسأول يثمر خيراً كثيراً للمسلمين .. كل هذا تنافس مشكور ليس فيه شائبة من خسائس الضرات .. وإنما المُأسف أن توجد نفوس ضعيفة رضيت من السلطان بالحظ الأنثوي من الغيرة، فلا يتورع من الإيقاع بزميله، أو التقول عليه، أو طمس حسنة من حسناته لا لشيإٍ إلا الحسد له على بسمة أو نفحة أو قبول أو تفوق في مهمته مع شائبة من الكبر عن غير استحقاق .. ويشتد الألم إذا صدر هذا الداأُ من محافظ على صلاته، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والحسد والكبر بابا الفحشاإ، لأنه جرّ إبليس إلى الكفر، وفي أمثال العامة بمصر: «ما يفعل المخلوق بالرازق الخالق» .. والمؤمن المفعم قلبه بالإيمان لا يحسد، والواثق بأهليته لا يتسكبر .. وإنما قلت: «عن غير استحقاق» مع أن الكبر محرم بإطلاق، لتبيان رذيلتين فيهما هما نقص الأهلية، ومجاوزة الحد بالكبر .. ومنتهى الإحسان التواضع عن أهلية .. وكم من نفوس مجبولة على الشر: يقتلها نفح الخير كما يقتل الطيب الجعل .. وآخرون لا يعملون ويأذيهم أن يعمل الناس، والله المستعان.

( ü) الأديب أبوعبدالرحمن له رأي في رسم الهمزة، ورد في العدد الماضي.

ـ[الاستاذ]ــــــــ[10 - 09 - 05, 01:55 م]ـ

الحرية مشكلة الوجود وفتنة العصر

الحرية نمير تتهادى إليه الأعناق (ما وجد الاختلاف في الرأي) .. فإن غلب رأي بقوة مادية أضحى هذا النمير حياضاً .. إما أن ينقع به الأوام، وإما أن تلفظ فيه الأنفس .. ولا خيار بين الأمرين (وإن تحملت النفوس الصادية الظمأ في لحظة ما).

هذه مشكلة الوجود من فجره إلى غروبه .. وهي فتنة العصر الماثلة لاتزال ولن تزال ما ظل الاختلاف موجوداً .. ولا أظن الناس يتفقون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير