تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر]

ـ[ابو ايمن الوكيلي]ــــــــ[27 - 08 - 05, 10:23 م]ـ

مرشد الحائر

لبيان وضع حديث جابر

تأليف

أبي الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري المتوفى سنة 1413هـ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة المحقّق

الحمد لله أحمده وأستعين به وأتوكّل عليه، سبحانه لا تبلغه الأوهام، كتم الآجال، وأحصى الأعمال، وصلّى الله على سيدنا محمد عبد الله ورسوله ءاتاه الله الحكمة ففتح بها أعينًا عميًا، وقلوبًا غلفًا، وءاذانًا صمًّا، وعلى ءاله وصحبه الطّيبين ورضي الله عن تابعيه بإحسان. وبعد:

فإن هذه الرسالة المسمّاة "مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر" تأليف الشيخ عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري محدث الديار المغربية والبلاد الأفريقيّة نضعها بين يديّ القرّاء وفيها الردّ الوافي على القائلين بأن أوّل ما خلق الله نور النبيّ محمّد صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله أن يكون عملنا مقبولاً عنده إنه على كل شىء قدير.

قسم الأبحاث والدراسات الإسلامية

مرشد الحائر

لبيان وضع حديث جابر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وءاله الأكرمين، ورضي الله عن صحابته والتابعين.

وبعد: فهذا جزء سمّيته: "مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر"، أردت به تنزيه النبيّ صلى الله عليه وسلم عمّا نُسب إليه مما لم يصح عنه ويعدُّ من قبيل الغلو المذموم، ومع ذلك صار عند العامة وكثير من الخاصة معدودًا من الفضائل النبويّة التي يكون إنكارها طعنًا في الجناب النبويّ عندهم، ولا يدركون ما في رأيهم وقولهم من الإثم العظيم الثابت في قول النبيّ صلّ الله عليه وسلّم: "من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار" (1) والذي يصفه بما لم يثبت عنه كاذب عليه واقع في المحذور إلاّ أن يتوب، ولا يكون مدحه عليه الصلاة والسلام شافعًا له في الكذب عليه.

وإن كانت الفضائل يتسامح فيها فإن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون بالثابت المعروف حذرًا من الكذب المتوعَّد عليه بالنار، نسأل الله العافية.

وقد وردت أحاديث في هذا الموضوع باطلة، وجاءت ءاراء شاذة عن التحقيق عاطلة، أُبينها في هذا الجزء بحول الله.

روى عبد الرزاق -فيما قيل- عن جابر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي أخبرني عن أول شىء خلقه الله تعالى قبل الأشياء؟ قال: يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيّك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنّة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسّم ذلك النور أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثاني الكرسي، ومن الثالث باقي الملائكة، ثم قسّم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول السموات، ومن الثاني الأرضين، ومن الثالث الجنّة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمّد رسول الله .... " الحديث، وله بقية طويلة وقد ذكره بتمامه ابن العربي الحاتمي في كتاب "تلقيح الأذهان ومفتاح معرفة الإنسان"، والديار بكري في كتاب "الخميس في تاريخ أنفس نفيس".

وعزْوه إلى رواية عبد الرزاق خطأ لأنه لا يوجد في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره (1).

وقال الحافظ السيوطي في الحاوي (2):"ليس له إسناد يعتمد عليه" اهـ، وهو حديث موضوع جزمًا، وفيه اصطلاحات المتصوفة، وبعض الشناقطة المعاصرين ركّب له إسنادًا فذكر أن عبد الرزاق رواه من طريق ابن المنكدر عن جابر وهذا كذب يأثم عليه.

وبالجملة فالحديث منكر موضوع لا أصل له في شىء من كتب السُّنّة (1).

ومثله في النكارة ما روي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نورًا بين يدي ربي قبل أن يخلق ءادم بأربعة عشر ألف عام" وهو كذب أيضًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير