أَحَلَّنَا دَارَ ?لْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر:32 - 35].
فأمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين أورثوا الكتاب بعد الأمتين قبلهم اليهود والنصارى وقد أخبر الله تعالى أنهم الذين اصطفى وتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) [11]. ومحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه هم المصطفَون من المصطفَين من عباد الله" [12].
6 - وقال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ?للَّهِ وَ?لَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ?لْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ?للَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَـ?هُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ?لسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ?لتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى ?لإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَ?سْتَغْلَظَ فَ?سْتَوَى? عَلَى? سُوقِهِ يُعْجِبُ ?لزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ?لْكُفَّارَ وَعَدَ ?للَّهُ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ?لصَّـ?لِحَـ?تِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح:29].
قال ابن كثير: " فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم، وقال مالك رضي الله عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة وأعظمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" [13].
[1] أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب: ومن سورة البقرة (2961) والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (2362).
[2] الجامع لأحكام القرآن (2/ 153 - 154).
[3] زاد المسير لابن الجوزي (2/ 16).
[4] معاني القرآن وإعرابه (1/ 456).
[5] لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/ 377).
[6] أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن باب كنتم خير أمة أخرجت للناس (4557).
[7] انظر: جامع البيان (4/ 43).
[8] تفسير القرىن العظيم (2/ 367).
[9] أحكام القرآن للجصاص (4/ 371).
[10] جامع البيان (20/ 2).
[11] أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (2652)، ومسلم في المناقب باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (3651).
[12] منهاج السنة (1/ 156).
[13] تفسير القرآن العظيم (6/ 365).
الفصل الرابع: الثناء على الصحابة في السنة النبوية:
1 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي العشاء قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: ((ما زلتم ها هنا؟!)) قلنا: يا رسول الله، صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معكم العشاء قال: ((أحسنتم)) أو ((أصبتم)) قال: فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال: ((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) [1].
قال النووي: "ومعنى الحديث أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون)) أي: من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: ((وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتى ما يوعدون)) معناه: من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك، وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم" [2].
¥