2 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يغزو فئام [3] من الناس فيقال لهم: فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزوا فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم، فيفتح لهم)) [4].
قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضل الصحابة والتابعين وتابعيهم" [5].
3 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ قال: ((قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه وتبدر يمينه شهادته)) [6].
قال النووي: "اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه" [7].
4 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه)) [8].
قال الخطابي: "النصيف بمعنى النصف، كما قالوا: الثمين بمعنى الثُمن. والمعنى أن جهد المقل منهم واليسير من النفقة الذي أنفقوه في سبيل الله مع شدة العيش والضيق الذي كانوا فيه أوفى عند الله وأزكى من الكثير الذي ينفقه من بعدهم" [9].
5 - عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ طلع راكبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كنديان [10] مذحجيان [11]))، حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج قال: فدنا أحدهما ليبايعه، فلما أخذ بيده قال: يا رسول الله، أرأيت من رآك وآمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: ((طوبى له)) قال: فمسح على يده وانصرف، ثم أتاه الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه فقال: يا رسول الله، أرأيت من آمن بك واتبعك وصدقك ماذا له؟ قال: ((طوبى له ثم طوبى له)) [12].
قال ابن كثير: "وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس ومغيث ابن سمي وأبي إسحاق السبيعي وغير واحد من السلف أن طوبى شجرة في الجنة في كل دار غصن منها" [13].
والحاصل أن الأحاديث الواردة في فضلهم كثيرة ومشتهرة بل متواترة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذه الأحاديث مستفيضة، بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون والقدح فيهم قدح في القرآن والسنة" [14].
[1] أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم (2531).
[2] شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 83).
[3] الفئام الجماعة الكثيرة (النهاية في غريب الحديث 3/ 406).
[4] أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب: من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب (2897)، ومسلم في فضائل الصحابة باب: فضل الصحابة رضي الله عنه ثم الذين (2532).
[5] شرح النووي على مسلم (16/ 83).
[6] أخرجه البخاري في الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد (2652)، ومسلم في فضائل الصحابة باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم (2533).
[7] شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 84).
[8] أخرجه البخاري في المناقب باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت (3673)، ومسلم في فضائل الصحابة باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم (2540).
[9] معالم السنن (4/ 284).
[10] كندة: بالكسر مخلاف كندة باليمن اسم القبيلة (معجم البلدان: 4/ 482).
[11] مذحج: قبيلة من قبائل العرب وهم: ولد أود بن زيد بن يشجب مرة. (معجم البلدان:5/ 88).
[12] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (17388) والطبراني في الكبير (22/ 742) والبزار كشف الأستار (2769) والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 18) وقال: إسناده حسن.
[13] تفسير القرآن العظيم (4/ 89).
[14] مجموع فتاوى شيخ الإسلام (4/ 430).
الفصل الخامس: الثناء على الصحابة في أقوال السلف والعلماء:
¥