نحن الآن نعيش في زمان الغربة الثانية ولكن هناك فرق جوهري بين غربة الاوائل الغابرين وغربة الخائفين، ان فشل الجماهير الغفيرة بالاجابة عن سؤالاً بديهيا هو السبب في هذا المأساة التي نعيشها الان، سؤال مكون من كلمتين اثنين، اذا سالته لأي رجل كانما باغته ويظل فترة يفكر في الجواب.
تعثر الجماهير في الاجابة عن هذا السؤال هو سبب المحنة التي يعيشها المسلمون من قرون هذا السؤال:
لماذا نتزوج؟ لماذا؟
اسال أي رجل هذا السؤال يشعر بالمفاجاة ويفكر قليلا، معنى هذا الوقوف انه لم يدري لماذا تزوج.
كبر وبلغ ويريد ان يتزوج هذه كل الحكاية لذلك كانت هذا الجماهيرالغفيرة هم اولاد الذين تعثروا في هذه الاجابة فخرجوا للحياة بلا هدف.
اليهود (خمسة عشر مليون) في العالم فقط، لو بصق المسلمون كل رجل بصقة لاغرقنانهم يملكون المال والسياسة والاعلام والاقتصاد والزراعة، كل اسباب الحياة بايدي اليهود، لما اطلعت مرة على مذكرات جولد مائير، هذه المراة التي رأست الوزارة في اسرائيل قالت انها بدات تفكر في محنة الشعب اليهودي وهي سنها اربعة عشرة سنة وبدأت تَعُد نفسها لتحمل المسؤولية وهي في سن اربعة عشر سنة، ماذا يشغل احلام نساءنا، انا لا اسوق هذه القصة على اساس جولد مائير هى موضع الحجة. . لا، اذا اردنا الحجة انما هم الصحابة الاكارم الذين رباهم النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن اضرب مثلا معاصرا لمبطل، امراة كافرة استطاعت ان تصل الى قمة الهرم في الحكومة بدأت هذه الشعور وهي في سن اربعة عشر سنة.
لماذا يحتقر الانسان نفسه؟. إنك لا تدري ما يكتب لك من أمنيتك.سل أي عظيم هل كنت تتوقع ان يقال ان فلان الفلاني امام الائمة؟ يقول لك ابدا، فلو كل انسان احتقر نفسه واستسلم للفساد الإداري الذي قصم ظهر العباقرة ودفن الاذكياء لن ترتقي امة على هذا النحو، لذلك قد تجد الاختلاف في تحديد ميلاد العالم لانه يوم ولد كان مولود مثل مئات المواليد لا نباهة له ولا ذِكر ولا ندري أيكون عالم او قاطع طريق، لكنه يوم مات دونوا وفاته بالساعة، بالثانية، لماذا؟. لأنه ما مات حتى كان علما كبيرا ملء الارض.
فنحن في زمان الغربة لكن نوعية الغريب اختلفت، الغريب الاول يختلف عن الذي اتى بعده، واصل الغربة ايها الكرام هو التفرد ان لا يكون لك شكل ولا نظير هذا هو معنى الغريب.
قال ابو سليمان الخطاب رحمه الله يتوجع من هذه الغربة، الذي شعر بها في بلده وبين اهله لما كان يدعوا الى السنة وقاوموه أصحاب التعصب فانشد متوجعا قال:
وما غربة الانسان في شُقة النوى ولكنها والله في عدم الشكل
واني غريب بين بُسٍ واهلها وان كان بها اسرتي وبين اهلي
ليس هذا هو معنى الغربة، الغريب الذي سيتركه بلده ويسكن بلد أخرى فان الغريب قد يانس في دار الغربة ويتاخذ له اصحابا واخدانا افضل من الذين تركهم.وهذه القاهرة اغلب الذين يعيشون فيها ليسوا من اهلها فكيف استقر بهم المقام حتى انهم نسوا مسقط راسهم.
ان الغريب قد يأنس في دار الغربة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما نصح ابن عمر ان يتجافى عن دار الغرور،قال له يا ابن عمر (كن في الدنيا كانك غريب او عابر سبيل) و (أو) ليس تخييرا ان يختار ان يكون غريب او عابر سبيل لا، انما ترقى النبي صلى الله عليه وسلم به (أو) هنا بمعنى (بل) يعني كن في الدنيا كانك غريب بل عابر سبيل كقول الله عز وجل (وما امر الساعة الا كلمح البصر او هو اقرب) يعني بل هو اقرب من لمح البصر، وكقوله الله (عز وجل) (وارسلناه الى مئة الف أويزيدون) يعني بل يزيدون.
فلما كان الغريب قد يأنس في دار الغربة بان يجد له شبيها او نظيرا وهذا يضره والمقصود من الموعظة ان يتجافى ويشعر بالوحشة الدائمة وهو في الدنيا، فالغريب قد يأنس، فقال له لا، لا تكن غريبا بعد ما قال له كن في الدنيا كأنك غريب ثم كانما استدرك فقال له لا تكن غريبا لان الغريب قد يأنس بل عابر سبيل فان عابر سبيل مستوحش دائما لايكاد يضرب ببساطه فينام حتى يخلعه ويمضي.
¥