فهذا الرجل ألف حديثا عن عكرمة عن بن عباس لأجل هذا الذي حدث لولده فنظرا لمثل هذه الافتراءات التي دخلت على الأحاديث، علماء الحديث نصبوا أنفسهم في الذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم0
فكم تعبوا في التفتيش عن أحوال الرواة، وكم ركبوا الليل والنهار في البحث عن ترجمة راو أوعن كلام العلماء فيه، وهذا الكلام مدون ألان في اسفار0
فأنت لا تدرى مثلا كيف قال بن معين في الراوي ثقة!!
كم من الروايات قابلها بأحاديث الثقات حتى وصل إلى هذا الحكم0
وكان هؤلاء الرواة يرون مئات الألوف من الروايات التي يعرضها الراوي على أهل الطبقة حتى يصير عنده قناعة بالحكم قد تصل إلى عشرة ألاف من رواية0
فمثلا قول بن معين وغيره كالنسائي وأحمد وغيرهم في راو أنه ثقة لإانهم ما توصلوا إلى هذا الحكم إلا بجهد كبير في روايات هذا الراوى0
فهؤلاء العلماء تعبوا جدا في ضبط أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم 0
وهذا الخلل الذي نراه في شتى العلوم الإسلامية من فقه وتفسير وعقيدة، ونحو ذلك كله بسبب أحاديث ضعيفة أو موضوعة0
فهذا الرجل الذي أراد ان يصنف في الفقه لما استشكل عليه حديث موضوع يعارض حديث صحيح، فاضطر إلى ان يجمع بينهم وهو لا يدرى ان هذا الحديث موضوع، فكم من الصفحات سودها وكم من الوقت ضيعه هذا الرجل ليجمع بين الحديث الموضوع والحديث الآخر الصحيح، لاشك انه انفق وقت كثير0
ولعله يبطل دلالة الحديث الصحيح إذا كان الحديث الموضوع أخص في الدلالة منه (من الحديث الصحيح) يقول هذا الحديث تخصص بذاك، والمخصص ساقط لا قيمة له0 فلو علم هذا الرجل أن هذا الحديث موضوع لأرح نفسه من هذا البحث كله، وكم في كتب الفقه من أحكام ساقطة، أساسها الحديث الضعيف والموضوع0
فلو أن الذين يكتبون في الفقه كانت لهم عناية بالنظر في الحديث لوجدنا الفقه على الحنفية السمحة فلا يشعر الإنسان بمشقة أبدا وهو ينفذ هذا الحكم0
هناك أناس يقولون نأخذ بالاحوط، ومعنى ذلك انه يأخذ بالأشد، فإذا ندبتك إلى الأخذ بالاحوط فالاحوط، إنما أندبك إلى الأخذ بالأشد فالأشد، وإذا بك تفاجآ في نهاية المطاف ان هذه ليست حنيفية سمحة، إذن أين اليسر؟
والله عز وجل يقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج)
وبن اليسر الذي اقرأه في قوله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالحنفية السمحة) أو (بعثت بالحنفية السمحة) إلى أخر هذه الأحاديث التي تدور في هذا الفلك، قد يدفعك إلى القول بالاحوط حديث ضعيف أو موضوع0
ولذلك كان إهمال هذا العلم جر وبال كثيرا جدا على المسلمين ولوسالنا بعض الناس وقلنا له عد لنا علماء الحديث في هذا العصر؟ تجد ما يستطيع أن يعد عشرة علماء راسخين في الفن، بل قد اجزم وأقول ما يستطيع ان يعد خمسه (اقصد العلماء الراسخين) ولاشك أن المشتغلين بالفقه أكثر من المشتغلين بالحديث00 لماذا؟
لان الدولة الاسلاميه لما كانت تبنى مدرسه كانت تنصب عليها قاضيا أو فقهيا، فكان الناس يقبلون على دراسة الفقه تأميلا للوظيفة اما المحدثين لم يكن لهم فيها عمل لذلك لم يكن لهذا العلم عائدا كوظيفة، لذلك اعرض الناس عنه ولا يزال يعرضون عنه حتى صار كالعدم تقريبا0
وابن الجوزى رحمه الله المتوفى سنة خمسمائة تسعه وتسعين تكلم عن هؤلاء في آخر القرن السادس الهجري كان يقول كانوا إذا عدوا قليلا فقد صاروا اعز من القليل فما بالك بعصرنا!!. . . .
نسال الله تبارك وتعالى أن يعصمنا من هذه الفوضى التي دخلت في كلام النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل كثير من الصغار، ولجوا من باب الكبار0
فلا يكاد الطالب يدرس كتابا مختصرا حتى يخرج من يخرج من تخريج الأحاديث ويتكلم عن التصحيح والتضعيف ويناطح الجبال الرواسخ0
وأسهل شي عنده ان يقول لا نعلم دليلا، وكأنه قضى بالجهل على مخالفه وعلم الحديث لابد فيه من الملكة وهذه مهمة جدا وهى ما يسميها العلماء بالاستقراء، والاستقراء يكون من كثرة القراءة. . .
وانا اعرف رجل يعمل طبيبا، والطبيب من أفضل الناس دخلا ماديا ولما رأى أن تخريج الأحاديث أحسن من الطب، فترك الطب وعمل محققا!!
هناك رجلا من العلماء قال: لوددت لواني أدركت أبى حمزة الكاتب فقطعت يده!
قالوا لماذا؟ قال لأنه انتقى أطايب الكتب فجمعها في كتاب واحد، فزهد الناس ان يطالعوا الكتب0
¥