لكتبه، سمعنا منه، وخرج إلى سوسة فسكنها وتوفي بها سنة ست وثلاثمائة) ([309]).
كما أفاد ابن الفرضي من إبراهيم بن محمد الباجي - أحد علماء باجة ([310]) - كثيراً من الأخبار والمعلومات المتعلقة ببعض علماء مدينة باجة الذين ذكرهم ابن الفرضي ضمن كتابه، ومنهم اسحاق بن عبد ربه ([311]) وتمام بن غالب ([312])، وخلف بن جامع بن حاجب ([313]) وإسماعيل بن إبراهيم بن اسحاق ([314]) وغيرهم.
وهكذا نرى حرص ابن الفرضي على الدقة في اختيار مصادره، حيث أخذ من الباجي ما يتعلق بتاريخ علماء مدينته إذ هو الأقرب إليهم والمطلع على أخبارهم فهو بهذا المنهج لجأ إلى أصحاب الاختصاص فضلاً عن المطلعين وشهود العيان.
كذلك أخذ ابن الفرضي من اسماعيل بن اسحاق بن زياد بن أسود والمعروف بابن الطحان المتوفى بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وهو أحد علماء الأندلس المهتمين بالحديث والآثار وأسماء الرجال وأخبار المحدثين ([315])، كما ذكر ابن الفرضي أنه كان أكثر وقته يصنف الحديث والتاريخ وأن له عدداً من المصنفات وقد نقل عنه وسمع منه كثيرا، كما كان يملي عليه، هذا عدا ما أخذه عنه عن خالد بن سعد ([316]).
ونظراً لكون اسماعيل بن إسحاق قد عاش بعض عمره في مدينة أستجة، فقد أخذ عنه ابن الفرضي بعض ما يتعلق بتاريخ علمائها من أمثال إبراهيم بن حزم ([317])، وأحمد بن محمد بن مسونة ([318])، وحسان بن عبد الله بن حسان ([319]) وغيرهم، وهذا مما يؤكد حرص ابن الفرضي على تحري الدقة في مصادره وأخذ المعلومات من مظانها القريبة.
وبالإضافة إلى ما سبق فقد أخذ ابن الفرضي من إسماعيل وبسند متصل كثيراً من الأخبار المتعلقة بعلماء أندلسيين آخرين، ومن ذلك وصايا بقي بن مخلد لمالك بن يحيى القرشي حينما ولي احدى الولايات ([320])، كما روى عنه مشافهة بعض الأخبار التي سوف نذكرها في الفقرة الخاصة بها - إن شاء الله تعالى -.
وكان إسحاق بن سلمة بن لبيب بن بدر القيني أحد علماء ريّة ممن أفاد من كتبهم ابن الفرضي، إذ كان القيني حافظاً لأخبار أهل الأندلس معتنياً بها، حيث جمع كتاباً في أخبار الأندلس أمره بجمعه المستنصر بالله ([321])، وقد جاءت نقولات ابن الفرضي عن القيني في مواضع مختلفة من كتابه ([322]).
ومن الذين أفاد منهم ابن الفرضي عبيد الله بن الوليد بن محمد المعيطي أحد علماء قرطبة، سمع من عدد من علمائها كما كان عالماً بالفتيا حافظاً للأخبار والأشعار، توفي سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة ([323]).
وقد جاءت إفادات ابن الفرضي من المعيطي، كإفاداته من الرازي مقتصرة في معظمها على تاريخ سني الوفيات للرجال، إلا أن أخذه عن المعيطي كان أقل من الرازي ([324]).
كذلك أخذ ابن الفرضي من كتابات ابن سعدان ([325]) التي حبسها بعد موته، ويبدو أنها كانت مؤلفات متعددة تمكن من الاطلاع عليها جميعها، كما توحي بذلك إحالاته عليها حيث قال حين حديثه عند عبد الله بن عباس الخشني: (سمع من محمد بن فطيس رأيت سماعه عليه في بعض كتب ابن سعدان) ([326])، لكنه لم يصرح سوى بمؤلف واحد هو كتاب فقهاء ريّة حيث قال حينما تحدث عن كل من عمر ابن يحيى ([327])، وليث بن سباع المزحجي ([328]): ذكره ابن سعدان في فقهاء ريّة، وبالإضافة إلى ذلك فقد كان يقول ذكره ابن سعدان دون تحديد المصدر ([329])، وبالرغم من تعدد مؤلفات ابن سعدان، وكون ابن الفرضي قد اطلع عليها فإن إفادته منها كانت محدودة، ويبدو أن السبب في ذلك هو كون ابن سعدان لم يحدث وإنما كان منشغلاً بالكتابة والنسخ.
وكان التراث التاريخي للحكم المستنصر بالله ([330])، من المصادر المهمة التي اعتمد عليها ابن الفرضي، وقد جاء هذا التراث على قسمين:
¥