تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف و الجود ساحله
و لو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله.
ولقد اقتدى برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جهابذة أمته من العباد والعلماء، فساروا على نهجه واقتفوا أثره، حتى صاورا للناس على الجود علما، وكانوا بحق ممن اتبع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان.
" فقد كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به و يطوون.
كان ابن عمر يصوم و لا يفطر إلا مع المساكين فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة، و كان إذا جاءه سائل و هو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام و قام فأعطاه السائل، فيرجع و قد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً و لم يأكل شيئاً.
و اشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً، و كان صائماً فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال عبده المعدم من الحسنات فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه و بات طاوياً.
و جاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى و أصبح صائماً.
و كان الحسن يطعم إخوانه و هو صائم تطوعاً و يجلس يروحهم و هم يأكلون.
و كان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء و غيرها و هو صائم.
سلام الله على تلك الأرواح، رحمة الله على تلك الأشباح، لم يبق منها إلا أخبار و آثار، كم بين من يمنع الحق الواجب عليه و بين أهل الإيثار.
لا تعرضن لذكرنا في ذكرِهم ليس الصحيحُ إذا مشى كالمُقعدِ
و له فوائد أخر، قال الشافعي ـ رضي الله عنه ـ: أحب للرجل الزيادة في الجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ و لحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، و لتشاغل كثير منهم بالصوم و الصلاة عن مكاسبهم، و كذا قال القاضي أبو يعلى و غيره من أصحابنا أيضاً "
عرض القرآن في رمضان
ـ عن أبي هريرة ـ ري الله عنه ـ قال: " كان يعرض على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه "
ـ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرض القرآن في كل رمضان على جبريل، فيصبح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ليلته التي يعرض فيها ما يعرض وهو أجود من الريح المرسلة لا يُسأل عن شيء الا أعطاه، حتى كان الشهر الذي هلك بعده عرض فيه عرضتين "
العمرة في رمضان
ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: " أراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحج فقالت امرأة لزوجها: أحجني مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جملك. فقال: ما عندي ما أحجك عليه. قالت: أحجني على جملك فلان. قال: ذاك حبيس في سبيل الله ـ عز وجل ـ فأتى رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك، قالت: أحجني مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقلت ما عندي ما أحجك عليه، فقالت: أحجني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله، فقال: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله، قال: وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أقرأها السلام ورحمة الله وبركاته، وأخبرها أنها تعدل حجة معي يعني عمرة في رمضان "
لا يعدل الصوم عمل
ـ عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: " أنشأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غزوة فأتيته فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة، فقال: اللهم سلمهم وغنمهم، قال: فسلمنا وغنمنا، قال: ثم أنشأ غزوا ثالثا فأتيته فقلت: يا رسول الله إني أتيتك مرتين قبل مرتي هذه فسألتك أن تدعو الله لي بالشهادة فدعوت الله ـ عز وجل ـ أن يسلمنا ويغنمنا فسلمنا وغنمنا، يا رسول الله فادع الله لي بالشهادة، فقال: اللهم سلمهم وغنمهم، قال: فسلمنا وغنمنا، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله مرني بعمل، قال: عليك بالصوم فإنه لامثل له، قال: فما رئي أبو أمامة ولا امرأته ولا خادمه الا صياما، قال: فكان إذا رئي في دارهم دخان بالنهار قيل: اعتراهم ضيف، نزل بهم نازل، قال:
¥