فيا من ضيع الأوقات جهلاً بحرمتها أفق و احذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قسراً و يخلي الموت كرهاً منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص و اجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارك.
وأنشد آخر:
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
و اتل القرآن و سبح فيه مجتهداً فإنه شهر تسبيح و قرآن
فاحمل على جسد ترجو النجاة له فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل و جيران و إخوان
أفناهم الموت و استبقاك بعدهم حياً فما أقرب القاصي من الداني
و معجب بثياب العيد يقطعها فأصبحت في غد أثواب أكفان
حتى يعمر الإنسان مسكنه مصير مسكنه قبر لإنسان.
الخلاف في فضل ليلة النصف من شعبان وصيام يومها:
ـ قال ابن رجب: " و أما صيام يوم النصف منه فغير منهي عنه فإنه من جملة أيام البيض الغر المندوب إلى صيامها من كل شهر "
ـ عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقة إلا لمشرك أو مشاحن "
قال ابن رجب: " قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور، و سخاوة النفوس، والنصيحة للأمة. و بهذه الخصال بلغ من بلغ لا بكثرة الاجتهاد في الصوم و الصلاة " انتهى.
ـ عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " يطلع الله ـ عز وجل ـ إلى خلقة ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين مشاحن وقاتل نفس "
فاحذر أيها الغافل أن تمر عليك تلك الليلة إلا وأنت فيها على حال يؤهلك لمغفرة الله تعالى، وجاهد نفسك طوال العام على سلامة الصدر ونقاء السريرة، حتى إذا جاءت ليلة النصف كنت أهلا لاستحقاق الهبات، ومحلا لمغفرة رب البريات، ولا تؤمل امتداد العيش فإن الأجل قريب، ولعل هذه هي آخر ليلة نصف شعبان تدركها، وإن كنت من ذلك في ريب، فابحث عن إخوانك الذين فقدتهم، وقد أدركوا تلك الليلة في العام الماضي، فأين هم الآن؟
تخطفهم الموت، وهو ينادي عليك بصوت مرتفع: لا فوت، (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب)
يا مغروراً بطول الأمل، يا مسروراً بسوء العمل، كن من الموت على وجل، فما تدري متى يهجم الأجل.
كل امرىء مصبح في أهله و الموت أدنى من شراك نعله
قال بعض السلف: كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، ومن مؤمل غداً لا يدركه، إنكم لو رأيتم الأجل و مسيره لأبغضتم الأمل وغروره
أؤمل أن أخلد و المنايا تدور علي من كل النواحي
و ما أدري و إن أمسيت يوما لعلي لا أعيش إلى الصباح
كم ممن راح في طلب الدنيا أو غدا أصبح من سكان القبور غدا
أنشد بعضهم:
كأنك بالمضي إلى سبيلك و قد جد المجهز في رحيلك
و جيء بغاسل فاستعجلوه بقولهم له أفرغ غسيلك
و لم تحمل سوى كفن و قطن إليهم من كثيرك أو قليلك
و قد مد الرجال إليك نعشا فأنت عليه ممدود بطولك
وصلوا ثم إنهم تداعوا لحملك من بكورك أو أصيلك
فلما أسلموك نزلت قبرا و من لك بالسلامة في نزولك
أعانك يوم تدخله رحيم رؤوف بالعباد على دخولك
فسوف تجاور الموتى طويلا فذرني من قصيرك أو طويلك
أخي لقد نصحتك فاسمع لي و بالله استعنت على قبولك
ألست ترى المنايا كل حين تصيبك في أخيك و في خليلك
ـ عن العلاء بن الحارث أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: " قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت، فلما رفع إلي رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال:
يا عائشة أو يا حميراء أظننت أن النبي قد خاس بك؟
قلت: لا والله يا رسول الله ولكنني ظننت أنك قبضت لطول سجودك. فقال:
أتدرين أي ليلة هذه؟
قلت: الله ورسوله أعلم. قال: هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله ـ عز وجل ـ يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم "
¥