والمراد بعدد الأوجه من أوجه الاختلاف التي لا تزيد على سبع: الاختلاف في الكلمة الواحدة في النوع الواحد من أنواع الاختلاف؛ كالمد والقصر، والإمالة والفتح.
ومن ثَمَّ، فلا إشكال في أن تكون أنواع الاختلاف أكثر من سبعٍ في العدد، كما اختلف في ذلك من جعل الأحرف السبعة أنواع من الاختلاف في القراءات عموماً، والصحيح أنها كلها أوجه اختلاف مندرجة، لكن لا يجتمع أكثر من سبعة منها في اختلاف أداء الكلمة القرآنية.
ويلاحظ أنَّ هذه الأوجه على قسمين:
الأول: ما يتعلق بالنطق واللهجة، كالإمالة والتقليل والفتح، وكالإدغام والإظهار، وغيرها، وهذا ما جاء تأكيد النبي e عليه في طلب التيسير، حيث أن أكبر فائدة في هذه الحرف هو التيسير على الشيخ الكبير وغيره، ولا يتصور هذا إلاَّ في النطق.
الثاني: ما يتعلق بالرسم والكتابة؛ كالاختلاف في زيادة الواو وعدمها في لفظ] وسارعوا [، والاختلاف في حركات الكلمة في لفظ] تَرجِعون [، و] تُرجَعون [، وغيرها، وهو ما ركَّز عليه من جعلها أنواعاً من الاختلاف في القراءة (ابن قتيبة، وأبو الفضل الرازي، وابن الجزري وغيرهم)، وإنما دخل هذا في الأحرف، مع أنه قد لا يعسر على الناطقين؛ لأنك تجد هذا القسم من الاختلاف في القراءة، فلا بدَّ أن تحمله على الأحرف السبعة، وإلاَّ كان هناك شيء من الاختلاف غير اختلاف هذه الأحرف السبعة.
هذا ما يسر الله تقييده، ولازال البحث يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير، والله الموفق.
قال السائل: هل من كتاب في أحكام الوقف والابتداء ميسر وسهل حيث
إن كتاب الأشموني فيه شيء من الصعوبة.
الجواب: إن معرفة هذه الكتب تحتاج إلى معرفة المصطلحات التي اعتمدتها، وغالب هذه الكتب اعتمدت مصطلح التام والكافي والحسن والقبيح، فمعرفة هذه المصطلحات، والاجتهاد في دراسة تطبيقاتها تجعل هذا العلم سهلاً شيئًا فشيئًا.
ومما يحسن علمه في هذا العلم أنه يقوم على ثلاثة علوم، هي: التفسير، والقراءات، والنحو.
والجامع بين هذه العلوم هو معرفة المعنى (أي: التفسير)، فالإعراب فرع المعنى، والقراءة إما أن تكون مرتبطة بالإعراب، فهي تعود في النهاية إلى المعنى، وإما أن تعود إلى دلالة المفردة، والحاجة إلى هذا النوع من القراءات في هذا العلم قليل.
لكن كثيرًا من المواقف لا يمكن أن تُفهم بدون معرفة النحو، وإن كان كما قيل إنه فرع المعنى.
علة هذه المصطلحات:
جعل علماء الوقف الذين قسَّموا الوقف إلى تامٍّ وكافٍ وحسنٍ وقبيحٍ، جعلوا اللفظ والمعنى عمدةً في التفريق بين هذه المصطلحات، وذكر بعضهم علة هذا التقسيم، ومنهم ابن الجزري، حيث قال:» وأقرب ما قلته في ضبطه: أن الوقف ينقسم إلى اختياري واضطراري؛ لأنَّ الكلام، إمَّا أن يتمَّ، أو لا؛ فإن تمَّ كان اختيارياً.وكونه تامَّا لا يخلو: إمَّا أن لا يكون له تعلق بما بعده البتة ـ أي: لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى ـ فهو الوقف الذي اصطلح عليه الأئمة بالتامِّ، لتمامه المطلق، يوقف عليه ويبتدأ بما بعده.
وإن كان له تعلق، فلا يخلو هذا التعلق، إما أن يكون من جهة المعنى فقط، وهو الوقف المصطلح عليه بالكافي، للاكتفاء به عما بعده، واستغناء ما بعده عنه، وهو كالتام في جواز الوقف عليه والابتداء بما بعده.
وإن كان التعلق من جهة اللفظ، فهو الوقف المصطلح عليه بالحسن؛ لأنه في نفسه حسن مفيد، يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده، للتعلق اللفظي. . وإن لم يتمَّ الكلام كان الوقف عليه اضطرارياً، وهو المصطلح عليه بالقبيح، لا يجوز تعمد الوقف عليه إلا لضرورة: من انقطاع نفس ونحوه، لعدم الفائدة، أو لفساد المعنى «. ()
وهذا السبر والتقسيم الذي ذكره ابن الجزري واضح الدلالة على صحة هذا التقسيم وعلله. غير أنمه يبقى أن ابن الجزري وغيره ممن تقدمه لم يوضحوا المراد باللفظ والمعنى توضيحاً جلياً.
ويحتاج القارئ في كتب الوقف والابتداء التي تعتمد هذه المصطلحات أن يعرف مرادهم باللفظ والمعنى عنده.
وقد بين بعضُ العلماء المتأخرين المراد بالتعلق اللفظي، وقالوا بأنه ما يكون ما بعده متعلقاً بما قبله من جهة الإعراب، كأن يكون صفة، أو معطوفاً، أو غيرها من التوابع النحوية ().
¥