تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} وقال تعالى. {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} وهو برهان الإيمان الذي حصل في قلبه فصرف الله به ما كان هم به وكتب له حسنة كاملة ولم يكتب عليه خطيئة إذ فعل خيرا ولم يفعل سيئة. وقال تعالى: {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} وقال: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} وقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به}. ولهذا ضرب الله للإيمان " مثلين ". مثلا بالماء الذي به الحياة وما يقترن به من الزبد ومثلا بالنار التي بها النور وما يقترن بما يوقد عليه من الزبد. وكذلك ضرب الله للنفاق " مثلين " قال تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} وقال تعالى في المنافقين: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} {صم بكم عمي فهم لا يرجعون} {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين} {يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير}. فضرب لهم مثلا كالذي أوقد النار كلما أضاءت أطفأها الله والمثل المائي كالمثل النازل من السماء وفيه ظلمات ورعد وبرق يرى. ولبسط الكلام في هذه الأمثال موضع آخر. وإنما المقصود هنا ذكر حياة القلوب وإنارتها وفي الدعاء المأثور {اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا}. و " الربيع " هو المطر الذي ينزل من السماء فينبت به النبات قال النبي صلى الله عليه وسلم {إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم}. والفصل الذي ينزل فيه أول المطر تسميه العرب الربيع لنزول المطر الذي ينبت الربيع فيه وغيرهم يسمي الربيع الفصل الذي يلي الشتاء؛ فإن فيه تخرج الأزهار التي تخلق منها الثمار وتنبت الأوراق على الأشجار. والقلب الحي المنور؛ فإنه لما فيه من النور يسمع ويبصر ويعقل والقلب الميت فإنه لا يسمع ولا يبصر. قال تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون} وقال تعالى: {ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون} {ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون} وقال تعالى: {ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين} الآيات. فأخبر أنهم لا يفقهون بقلوبهم ولا يسمعون بآذانهم ولا يؤمنون بما رأوه من النار كما أخبر عنهم حيث قالوا: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}. فذكروا الموانع على القلوب، والسمع والأبصار وأبدانهم حية تسمع الأصوات وترى الأشخاص؛ لكن حياة البدن بدون حياة القلب من جنس حياة البهائم لها سمع وبصر وهي تأكل وتشرب وتنكح ولهذا قال تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء}. فشبههم بالغنم الذي ينعق بها الراعي وهي لا تسمع إلا نداء. كما قال في الآية الأخرى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا} وقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل} فطائفة من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه} وأمثالها مما ذكر الله في عيوب الإنسان وذمها فيقول هؤلاء: هذه الآية في الكفار والمراد بالإنسان هنا الكافر فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير