تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب؛ بل يذهب وهمه إلى من كان مظهرا للشرك من العرب أو إلى من يعرفهم من مظهري الكفر كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند. ونحو ذلك فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها الله ليهتدي بها عباده. فيقال: - أولا -: المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق والمنافقون كثيرون في كل زمان والمنافقون في الدرك الأسفل من النار. ويقال: " ثانيا " الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر وإن كان معه إيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: {أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد غدر. وإذا خاصم فجر} فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق. وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال لأبي ذر رضي الله عنه {إنك امرؤ فيك جاهلية} وأبو ذر - رضي الله عنه - من أصدق الناس إيمانا وقال في الحديث الصحيح: {أربع في أمتي من أمر الجاهلية: الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم} وقال في الحديث الصحيح {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: اليهود والنصارى قال: فمن} وقال أيضا في الحديث الصحيح: {لتأخذن أمتي ما أخذت الأمم قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع. قالوا: فارس والروم قال: ومن الناس إلا هؤلاء}. وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه وعن علي - أو حذيفة - رضي الله عنهما ما - قال: القلوب " أربعة ". قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن وقلب أغلف فذاك قلب الكافر وقلب منكوس. فذاك قلب المنافق وقلب فيه مادتان: مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق فأولئك قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وإذا عرف هذا علم أن كل عبد ينتفع بما ذكر الله في الإيمان من مدح شعب الإيمان وذم شعب الكفر وهذا كما يقول بعضهم في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}. فيقولون المؤمن قد هدي إلى الصراط المستقيم فأي فائدة في طلب الهدى ثم يجيب بعضهم بأن المراد ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للنائم: نم حتى آتيك أو يقول بعضهم ألزم قلوبنا الهدى فحذف الملزوم ويقول بعضهم زدني هدى وإنما يوردون هذا السؤال لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه؛ فإن المراد به العمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه في جميع الأمور. والإنسان وإن كان أقر بأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق على سبيل الإجمال فأكثر ما يحتاج إليه من العلم بما ينفعه ويضره وما أمر به وما نهى عنه في تفاصيل الأمور وجزئياتها لم يعرفه وما عرفه فكثير منه لم يعمل بعلمه ولو قدر أنه بلغه كل أمر ونهي في القرآن والسنة فالقرآن والسنة إنما تذكر فيهما الأمور العامة الكلية لا يمكن غير ذلك لا تذكر ما يخص به كل عبد ولهذا أمر الإنسان في مثل ذلك بسؤال الهدى إلى الصراط المستقيم. والهدى إلى الصراط المستقيم يتناول هذا كله يتناول التعريف بما جاء به الرسول مفصلا ويتناول التعريف بما يدخل في أوامره الكليات ويتناول إلهام العمل بعلمه فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه ولهذا قال لنبيه بعد صلح الحديبية: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما} وقال في حق موسى وهارون: {وآتيناهما الكتاب المستبين} {وهديناهما الصراط المستقيم} والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية والعلمية الاعتقادية والعملية مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدا حق والقرآن حق فلو حصل لكل منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه و [لا] يحتذون حذوه فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الأعمال لفعلوا ما أمروا به وتركوا ما نهوا عنه والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من أعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائما في أن يهديهم الصراط المستقيم. فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير