تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أصول نشأة الإنسان من معجزات القرآن]

ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[13 - 09 - 05, 07:25 ص]ـ

[أصول نشأة الإنسان من معجزات القرآن]

د. محمد دودح 12/ 1/1425

المقال الأول على هذا الرابط

http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?catid=73&artid=3369

الدراسة الدلالية

أمام عجيبة بيانية بهرت الأساطين بسمو أغراضها وصدق دلالتها وفصاحة تركيبها وإحكام نظمها وحسن إيقاعها لا يملك من يعاين مشاهدها سوى العجب, وبديهي أن يَحار الفطاحل في دلالاتها العلمية حتى يُعاينوا كيفياتها, ومع ذلك فصَّل القرآن ما أجمل فيَسَّر إدراكها, تأمل قول العلي القدير: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ" [الطارق 5 - 10] , تركيب عجيب فريد كأنه "سمط اللآليء"؛ مشرق مثل حبات عقد الجواهر النفيس, دعنا إذاً نتأمله عن قرب مستأنسين بجهود أجيال مختلفي المشارب, ونعمل بالقواعد مع الحقائق في تمييز المختلط وتحرير الدلالة, والقاعدة لتحقيق الغاية في الفهم يوجزها لك فقهاء البيان العالمون بأساليب القرآن وتميز تركيبه بكلمة واحدة هي: السياق, فينبغي الانتباه لأن الصورة ليست كظاهر اللفظ, والألفاظ كالأمثال مستمدة من بيئة التنزيل لكنها مميزة الدلالة تخصصها قرائن السياق, وكل التركيب بمفرداته وأساليبه وإيقاعه متآزر متساوق متناسق الوجهة بلا اختلاف؛ في سياق موحد الاتجاه لا يناقض الحقائق, والحقيقة العلمية إذا استوثقت أنها كذلك وبلغت اليقين فهي شهادة الواقع ومفتاح الحل أو الترجيح لأن كلام الخالق لا يعارض فعله.

(أولاً) لماذا خرج القرآن عن المعهود ووصف المني بالماء الدافق بدلا عن المدفوق؟:

وصفَ القرآن الماء المعبر عن المني بالدافق مما يعني أنه حي التكوين فاعل تتسابق مكوناته في نشاط, وجرده من صفة البشرية بجعله مادة أولية يتخلق منها الإنسان, وهذا ما يطابق الحقيقة العلمية لأن الخلية البشرية الأولى التي تحتوي على العدد الكامل من الفتائل الوراثية المستمدة من الأبوين هي "البويضة الملقحة" في المصطلح الطبي الحديث أو "النطفة الأمشاج" في مصطلح القرآن, ولكن تلك الحقيقة العلمية كانت خفية طيلة قرون عديدة بعد نزول القرآن مما جعل المفسرين في حيرة أمام وصف المني ذاته بالفاعل, قال ابن تيمية: "لفظ الماء عند الإطلاق لا يتناول المني وإن كان يسمى ماء مع التقييد كقوله تعالى: "خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ" (1)، وقال ابن كثير: (خلق من ماء دافق) يعني المني (2)، وقال النيسابوري: "يحتمل أن يقال: أريد به ماء الرجل فقط؛ إما بناء على حكم التغليب وإما بناء على مذهب من لا يرى للمرأة ماء (أصلا) ولا سيما دافقا (3)، وقال الثعالبي: و "دَافِقٍ" قال كثير من المفسرين هو بمعنى مدفوق (4)، وقال النسفي: "والدفق صب فيه دفع والدفق في الحقيقة لصاحبه والإسناد إلى الماء مجاز" (5)، وقال ابن القيم: "أخبر سبحانه أنه خلقه من ماء دافق, والدفق صب الماء يقال دفقت الماء فهو مدفوق ودافق .. فالمدفوق الذي وقع عليه فعلك .. والدافق قيل إنه فاعل بمعنى مفعول .. , وقيل .. أي ذي دفق .. , وقيل وهو الصواب انه اسم فاعل" (6)، وقال أيضاً: "الدافق على بابه ليس فاعلا بمعنى مفعول كما يظنه بعضهم" (7)، وقال الشوكاني: "خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ" .. الماء هو المنى, والدفق الصب يقال دفقت الماء أي صببته, يقال ماء دافق أي مدفوق مثل عيشة راضية أي مرضية, قال الفراء والأخفش ماء دافق أي مصبوب في الرحم, قال الفراء وأهل الحجاز يجعلون الفاعل بمعنى المفعول في كثير من كلامهم, كقولهم سر كاتم أي مكتوم وهم ناصب أي منصوب وليل نائم ونحو ذلك, وقال الزجاج من ماء ذي اندفاق (8) , وقال القرطبي: "مِن مّآءٍ دَافِقٍ" أي من المني, والدفق صب الماء, دفقت الماء أدفقه دفقا صببته فهو ماء دافق .. "قال" الزجاج من ماء ذي إندفاق .. وهذا مذهب سيبويه فالدافق هو المندفق بشدة قوته (9)، وقوله تعالى: "أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ" [القيامة:37]؛ أي من قطرة ماء تمنى في الرحم أي تراق فيه ولذلك سميت مِنَى (مبيت الحجيج بمكة) لإراقة الدماء .. , والنطفة الماء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير