تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خلق منه ليستقبح منه صحة إمكان رد الماء, (التاسع) أنه لا ارتباط بين النظر في مبدأ خلقه ورد الماء في الإحليل بعد خروجه ولا تلازم بينهما حتى يجعل أحدهما دليلا على إمكان الآخر بخلاف الارتباط الذي بين المبدأ والمعاد والخلق الأول والخلق الثاني والنشأة الأولى والنشأة الثانية فإنه ارتباط من وجوه عديدة ويلزم من إمكان أحدهما إمكان الآخر ومن وقوعه صحة وقوع الآخر فحسن الاستدلال بأحدهما على الآخر, (العاشر) أنه سبحانه .. نبه بقوله: "إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ" على بعثه لجزائه على العمل الذي حفظ وأحصى عليه فذكر شأن مبدأ عمله ونهايته فمبدؤه محفوظ عليه ونهايته الجزاء عليه ونبه على هذا بقوله: "يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ" أي تختبر .. والسرائر جمع سريرة" (42).

وبغض النظر عن الاجتهادات الواسعة لتفهم الكيفيات قبل أن يكشفها العلم لا صارف عن عود ضمير "يخرج" إلى الأصل وهو "الإنسان" وإن شاركه (الماء) في الاحتمال, قال ابن عطية: "والضمير في يخرج يحتمل أن يكون للإنسان ويحتمل أن يكون للماء" (43). وقال القرطبي: "من جعل المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه فالضمير في يخرج للماء ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة فالضمير للإنسان" (44)، ولك أن تستفظع القول بخروج المني من بين صلب الرجل وترائبه وأنت تعلم بتكونه في الخصية إلا إذا اعتبرت تكون أصل الأصل عند النشأة, ولكن لا تتوهم أنهم يعتقدون بخروج مني الرجل من ترائب المرأة, لأنهم يعلمون كما لو كانوا أبناء عصر العلم مثلي ومثلك باحتياجه لنظير أنثوي ليتخلق الجنين, فجعلوا للمرأة دوراً وقدموا فروضاً لأصل المني النظير مجتهدين في استمداد المعرفة من القرآن في غياب حقائق العلم, يقول العلي القدير: "إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" [الإنسان: 2] , قال الشوكاني: "وأمشاج صفة لنطفة وهي جمع مشج أو مشيج وهي الأخلاط والمراد نطفة الرجل ونطفة المرأة واختلاطهما" (45)، وقال ابن القيم: "الجنين يخلق من ماء الرجل وماء المرأة خلافا لمن يزعم من الطبائعيين أنه إنما يخلق من ماء الرجل وحده" (46). , ويقول عز وجل: "يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ" [الحجرات: 13] , قال القرطبي: "بَيَّنَ الله تعالى في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكر والأنثى .. وقد ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدم الذي يكون فيه .. والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية فإنها نص لا يحتمل التأويل" (47). والاقتصار إذاً على جنس الذكر بقرينة الماء الدافق يفسره اعتبار المعلوم وسبق المني للنطفة الأمشاج التي يبدأ منها الخلق, ولكن ها أنت ترى أنهم يعرفون بتكون الجنين من الأبوين ويدخلونهما في تفسير الإخراج مما يجعل الأولوية في عود ضمير (يخرج) إلى الإنسان فيصدق الوصف على الجنسين, وبإغفال دلالة السياق على أن "الإِنسَانُ" محور الحديث والموضوع الرئيس؛ يستقيم عود الضمير في "يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" إلى الماء, وباعتبار الأصل هو علمياً معنى صحيح لخروج الخصية من ذلك الموضع, ومن الأعلام من احتمله وإن قصر ذلك الاجتهاد الوصف على الذكر واستبعد الأنثى معارضاً دلالة لفظ "الإِنسَانُ" على الجنس بنوعيه من الذكر والأنثى.


(1) مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 305.
(2) تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 499.
(3) تفسير غرائب القرآن للنيسابوري ج6ص480.
(4) تفسير الثعالبي ج: 4 ص: 403.
(5) تفسير النسفي ج: 4 ص: 331.
(6) التبيان في أقسام القرآن ج: 1 ص: 64.
(7) إعلام الموقعين لابن القيم ج: 1 ص: 145 - 148.
(8) فتح القدير ج: 5 ص: 420.
(9) تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6.
(10) تفسير القرطبي ج: 19 ص: 117.
(11) تفسير أبي السعود ج: 9 ص: 142.
(12) زاد المسير ج: 9 ص: 84.
(13) تفسير الجلالين ج: 1 ص: 802.
(14) روح المعاني ج30ص99.
(15) تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
(16) مختار الصحاح ج: 1 ص: 32.
(17) تفسير القرطبي ج: 20 ص: 6.
(18) زاد المسير ج: 9 ص: 84.
(19) تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور, ج30ص261.
(20) روح المعاني ج: 30 ص: 99.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير