تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أي بين الصلب والترائب, ثم تنزل الخصية تدريجيا حتى تصل إلى كيس الصفن (خارج تجويف البطن) في أواخر الشهر السابع من الحمل بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة .. , ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها أي من بين الصلب والترائب, فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر (الأورطي البطني) من بين الصلب والترائب, كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, كما أن الأعصاب المغذية للخصية أو للمبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب, وكذلك الأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة أي بين الصلب والترائب, فهل يبقى بعد كل هذا شك أن الخصية أو المبيض إنما تأخذ تغذيتها ودماءها وأعصابها من بين الصلب والترائب؟ , فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب, كما أن منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب, والآية الكريمة إعجاز كامل حيث تقول: "مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" , ولم تقل من الصلب والترائب, فكلمة "بَيْنِ" ليست بلاغية فحسب وإنما تعطي الدقة العلمية المتناهية .. , والعلم الحديث يقرر أن الماء الذي لا يقذف ولا يندفع وإنما يسيل .. إنما هو إفرازات المهبل وغدد بارثولين المتصلة به وأن هذه الإفرازات ليس لها دخل في تكوين الجنين وإنما وظيفتها ترطيب المهبل .. ولكن العلم الحديث يكشف شيئا مذهلا؛ أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني, كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف محاطة بالماء فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء .. وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج .. هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية, كلاهما يتدفق, وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض .. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية, وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة" (30).

ويقول الدكتور مأمون شقفة في كتاب "القرار المكين": "الذرية هي النسل, واشتقاق كلمة الذرية من الذرة يدل على أن النسل يحصل بعناصر صغيرة جدا تبين الآن أنها الخلايا الجنسية .. ولكن ما يهمني هو أن الإشهاد هذا إنما حصل لذرية بني آدم من بعده كما فسر الحسن البصري إذ قال: "وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ" ولم يقل من آدم "مِن ظُهُورِهِمْ" ولم يقل من ظهره .. , فإنما يأخذ الميثاق من البشر كأفراد قبل أن يخرجوا من عالم الذر إلى عالم المجسمات, وهذا الميثاق من نعم الله علينا فقد فطرنا على الشعور بحاجة ماسة إلى الإيمان بالخالق العظيم .. "وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ" [لقمان: 25] .. المهم أننا نشعر بنداء الفطرة هذا في أعماقنا يشدنا إلى الله عز وجل ويذكرنا كلما ألم بنا طائف .. ولقد حيرت آية الصلب والترائب الألباب وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى على قدر ما أوتي كل منهم من علم .. تحير المفسرون في خروج الماء من بين الصلب والترائب .. لعدم وجود معلومات طبية تشريحية بين أيديهم تدلهم .. منشأ الغدد التناسلية ليس في الواقع بين الصلب والترائب ولكن في الأصلاب بالذات (وإنما الخروج من بينهما) .. , إن القرآن لا يقول أبدا: يخرج الماء الدافق من بين الصلب والترائب, ولكنه يقول "يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ" وهذه الآية مثل آيات الله تعالى الأخرى تشير إلى قدرة الله تعالى المتجلية في أمر عظيم هو الولادة أي إخراج الإنسان من بين الصلب والترائب .. فالضمائر هنا تتعلق بالإنسان رغم كون الماء أقرب .. لأن المعنى يختل ولا يستقيم إذا تعلقت هذه الضمائر بالماء .. وفي قواعد اللغة أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور له في الكلام, وقد يعود إلى البعيد بقرينة دالة عليه .. , أما وقد وجدت القرينة القوية بما عندنا من علم حديث فلم يبق شك في أن هذا الضمير (في يخرج) يعود للإنسان, فما هي هذه القرينة؟ إن هذه القرينة هي أن الجنين (أي الإنسان) يكون أثناء الحمل وفي تمامه وحين يخرج (أي أثناء الولادة) بالضبط بين الصلب والترائب,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير