تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد عارض ابن جابر في قصيدته هذه عدة شعراء حتى أُلِّف فيها كتاب مستقل وهو كتاب: (المدائح النبوية المتضمنة لسور القرآن الكريم لهاشم الخطيب).

ج - معارضتها وتشطيرها وتخميسها وتسبيعها ... ومن أشهر من عارضها من المحدثين: محمود سامي البارودي بمطولة بلغت (447 بيتاً) هي: (كشف الغمة في مدح سيد الأمة!)، ومطلعها:

يا رائد البرق يمم دارة العلم * * * واحْدُ الغمام إلى حي بذي سلم

وأحمد شوقي في قصيدة في (190 بيتاً) سماها: (نهج البردة)، مطلعها:

ريم على القاع بين البان والعلم * * * أحل سفك دمي في الأشهر الحرم

وقد زاد الغلو في المدائح النبوية منذ عهد البوصيري إلى بدايات العهد الحديث، ومن أمثلة هذا الغلو والمغالين محمد بن أبي بكر البغدادي الذي صنف ديواناً كاملاً باسم: (القصائد الوترية في مدح خير البرية) نظم فيه 29 قصيدة، وكل قصيدة منها 21 بيتاً. بحيث تبدأ أبيات كل قصيدة بحرف وتنتهي به نفسه، ومن مدحه الغالي قوله:

أغثني، أجرني، ضاع عمري إلى متى * * * بأثقال أوزاري أراني أُرزأُ

وقوله:

ذهاباً ذهاباً يا عصاةُ لأحمد * * * ولوذوا به مما جرى وتعوَّذوا

ذنوبكم تُمحى وتعطون جنة * * * بها دُرَرٌ حصباؤها وزمرد

ومن أشد الغالين: عبد الرحيم البرعي اليماني، فله ديوان شعر أكثره مدائح نبوية، ومن مدحه الغالي قوله:

سيد السادات من مضر * * * غوث أهل البدو الحضر

وقوله:

يا سيدي يا رسول الله، يا أملي * * * يا موئلي، يا ملاذي، يوم تلقاني

هب لي بجاهك ما قدمت من زلل * * * جوداً ورجح بفضل منك ميزاني

واسمع دعائي واكشف ما يساورني * * * من الخطوب ونفِّس كُلَّ أحزاني

وكذلك أكثر من عارض البردة قديماً وحديثاً - وما أكثرهم - تأثر بما فيها من غلو.

وقد تأثر كذلك المتأخرون بهذا الغلو، فمستكثر ومستقل، فهذا البارودي يقول:

أبكاني الدهر حتى إذ لجأت به * * * حنا علي وأبدى ثغر مبتسم

وهذا أحمد شوقي يقول:

فالطف لأجل رسول العالمين بنا * * * ولا تزد قومه خسفاً ولا تسُمِ

ويقول في أحد المدائح الخديوية:

إذا زرت يا مولاي قبر محمد * * * وقبَّلت مثوى الأعظم العطرات

فقل لرسول الله: يا خير مرسل * * * أبثك ما تدري من الحسرات

وهذه شاعرة معاصرة ألفت كتاباً كاملاً من شعر التفعيلة باسم: (بردة الرسول) من أجل أن تشفى من مرض عانت منه طويلاً، ملأته بالغلو، ومن مثل قولها:

يا سيدي، اسمع دعائي ... كن مًعين

وأجب رجائي، يا محمدنا الأمين

أما هذا الغلو عند شعراء الصوفية ومقلديهم فأشهر من أن أشير إليه هنا.

ومما سبق نستخلص أن المدائح النبوية الغالية منذ البوصيري ومن قلده لا علاقة لها بالمدائح النبوية قبلها؛ لأنه شتان بين التصور الواقعي البشري كما صوره شعراء المديح النبوي الأوائل من أمثال كعب بن زهير وكعب بن مالك وحسان بن ثابت، ومعاصريهم، وبين التصور المتأخر للرسول - عليه الصلاة والسلام - عند شعراء المديح النبوي المتأخرين الذين أحالوا شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى سلسلة طويلة من الخوارق والمعجزات والقدرات فوق الطبعية، حتى بات النبي -صلى الله عليه وسلم- ذا طبيعة إلهية لا بشرية [4].

ومع هذا فقد بقي كثير من الشعراء قديماً وحديثاً بمعزل عن هذا الغلو، ولكن الحديث الآن ليس عنهم، والله أعلم.


(1) المستدرك على الصحيحين، 9/ 3، وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 463، وانظر الإصابة في ترجمة أم معبد.
(2) دراسة محمد النجار لبردة البوصيري، ص 62 عن كتاب المقفى للمقريري.
(3) دراسة محمد النجار للبردة، ص 11.
المصدر: مجلة البيان - العدد 139 - ربيع الأول 1420 هـ

نقله
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
[email protected]

http://saaid.net/Doat/Zugail/209.htm

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

وانظر هذا الرابط (ردود على قصيدة البردة للبصيري):

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26895

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[24 - 02 - 06, 10:35 م]ـ
حفظكم الله يا أهل السنة

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير