تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين وثبت في حديث طويل من طريق أم العلاء أنها قالت: لما توفي عثمان بن مظعون أدرجناه في أثوابه, فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب, شهادتي عليك فقد أكرمك الله عز وجل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما هو فقد جاءه اليقين من ربه, وإني لأرجو له الخير, والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي" فقلت: والله لا أزكي بعده أحدا أبدا رواه أحمد وأورده البخاري في كتاب الجنائز من صحيحه, وفي رواية له: ما أدري، وأنا رسول الله ما يفعل به وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة, وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم, أن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة, فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ثم لم يزد على أن أخبره بأماراتها, فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دونما سواه من المغيبات, وأخبره به عند الحاجة, كما أن الله سبحانه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مغفور له في سورة الفتح, وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: النبي في الجنة, وأبو بكر في الجنة, وعمر في الجنة, وعثمان في الجنة, وعلي في الجنة, وطلحة في الجنة, والزبير في الجنة, وعبد الرحمن بن عوف في الجنة, وسعد بن مالك في الجنة -وهو ابن أبي وقاص- وسعيد بن زيد في الجنة, وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة رضي الله عنهم جميعا, وهذا كله من علم الغيب الذي أطلع الله نبيه عليه.

رابعا: وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله, إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته, وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح, وقد صدر منا فتوى في ذلك هذا نصها: للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده, ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله, قال تعالى: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعمه بعض الملاحدة, أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم ... إلخ, خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته, وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي محمد صلى الله عليه وسلم, أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم ونظر إليها، فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا, أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم, فهذا وأمثاله لم يصح منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. (ص 366 وما بعدها من [مجموع الفتاوى] لابن تيمية, الجزء الثامن عشر).

خامسا: القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بشرا مثلنا يحتمل حقا وباطلا, وقد صدر منا فتوى في ذلك هذا نصها: هذه الكلمة مجملة تحتمل حقا وباطلا، فإن أريد بها إثبات البشرية للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه ليس مماثلا للبشر من كل وجه, بل يشاركهم في جنس صفاتهم فيأكل ويشرب, ويصح ويمرض, ويذكر وينسى, ويحيا ويموت, ويتزوج النساء ونحو ذلك ويختص بما حباه الله به من الإيحاء إليه وإرساله إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا; فهذا حق, وهو الذي شهد به الواقع وأخبر به القرآن, قال الله تعالى: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا فأمره أن يخبر أمته بأنه بشر مثلهم إلا أن الله اصطفاه لتحمل أعباء الرسالة وأوحى إليه بشريعة التوحيد والهداية ... إلخ, وقال تعالى في بيان ما جرى من تحاور بين الرسل وأممهم: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير