ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[27 - 09 - 03, 10:33 ص]ـ
أحسنت أيها الشيخ الفاضل في التعبيرِ عن وجهةِ نظر المبيحين، وأيضا وجهة نظرك، والتي لها اعتبارها، لاسيما وأنت من الفضلاء المعتنين بكتاب عز وجل (رواية ودراية).
كما أنني - والله - من أوسع الناس صدرا؛ إن كان (المفيد) أو (المناقش) من أمثالكم (أحسبكم كذلك ولا أزكي على الله تعالى أحدا، والله حسيبكم) .. بل لا أملك إلاَّ أن أكون كذلك؛ لأن هذا هو حق أهل العلم والفضل - وإن تأبت النفس (!)، وأقول أهل العلم، وليس الغوغاء.
بل أرى أن اهتمامكم بمقالي هذا - وغيره -، هو من الشرف الممنوح، فرفع الله قدركم وأثابكم رفعة الدرجات يوم الدركات ..
وقد كنت أتمنى أن أسطر هذه الكلمات عقب موضوع (حقوق الطبع محفوظة)، ولكن قام أحد المشرفين لشيء ما بإغلاقه، فحرمني حينئذ مما ذكرتُ آنفا.
كما أنني أعتبر كلامكم الأخير من ذكر الانتفاع بما يكتب أبو عبد الرحمن الشوكي وما يعده من مشاريع؛ لهو - منكم - من التواضع الجم، وسبل التشجيع، ورفع الهمم لأمثالي، فجزاكم الله تعالى خيرا على هذا الانبساط ومراعاة الخواطر.
كما أنني أدين بحب وإجلال من ذكرتم من أهل العلم والخبرة، وأعرف لهم قدرهم، وقد اطلعت من قرب على تراثهم المبارك وقدراتهم العلمية، وما زلت أغترف من معين هذه الأعمال الجليلة، ولست بالذي يعرف الناس بهؤلاء الأعلام، كما أنهم فوق أن يقوم مثلي بهذه المهمة ..
وإن لم يكن في كلامكم فائدة سوى ذكر هؤلاء الأفاضل، واهتمامكم بمقالي هذا؛ لكفى بها من فائدة.
ولكن يا شيخ (رعاك الله تعالى) قد أجملت الكلام، ونسبت إلىَّ كثيرا من التعميمات ومفاهيم المخالفة التي لا ألتزمها، كما نعتني بالتعصب والتشدد، وهذا لا يوافق الحقيقة،
وقد قمتم - عن دون عمد كما هو الظن بكم - بإقناع القارئ بتهجمي على العلماء الذين أفتوا بجواز التلوين، وذلك في قولكم:
((أرى أنه لا داعي للتشديد والتعصب لرأي في مسألة خلافية بحيث يصبح المخالف لرأيك موصوفاً بـ (الهراء والتزوير والغش والعبث بكتاب الله ولا خلاق له ... ) إلى آخر ما خلعت عليهم من أوصاف)). اهـ كلامك يا أبا خالد
وقولكم: ((هل هؤلاء المفتون وهذه اللجان كلهم مرتشون)). اهـ
والحقيقة أن كلامي هذا (وما به من صفات) كان موجها لدور الطبع الذين أعتقد فيهم ما تقدم، وليس لأهل العلم، كما أوهم نقلك عني، وأرجو الرجوع لكلامي للتأكد من ذلك.
كما أن قولك يا شيخ (( .. يصبح المخالف لرأيك موصوفاً بـ (الهراء ... )). اهـ
أقول هذا ليس رأي يا أيها الشيخ الفاضل، بل هو (حكم) لجان الفتوى، ولست إلا ناقلا - غفر الله لك -.
كما أنكم نزلتم جل المسألة على المصاحف التي جمعت بعض أو كل القراءات والتي ميزت فيها كل قراءة بلون (ما) من أجل التعليم وغيره .. ، مع أن ما أوردته يتعلق (بلفظ الجلالة) و (أحكام التجويد) و (ما استحدث من زعم السبق باكتشاف أنه يوجد في كل صفحة زوجين اثنين من ظواهر مخصوصة، وأيضا تلوينها بلون يميزها، كتفسير لقوله تعالى { .. مثاني تقشعر .. } ..
وكنت أتمنى من (شخصكم الكريم) إمهالي إلى حين جلب صور هذه الفتاوى، أو نصوصها إن تعذر ذلك، حتى يكون ردكم ملائما لهذه الحقائق والوقائع، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
كما ألفت النظرَ الكريم إلى مسألة قل أن يتنبه لها معشر الطلاب في هذا الزمان، إلا وهي:
أن المسائل التي تفتقد إلى النص الصحيح الصريح، ويقرر لها حكمها عن طريق النظر وعموم الأدلة من قبل العلماء استنباطا؛ فإنه يجب اعتبار آراء العلماء الكبار المتخصصين (دون غيرهم ممن هو ليس على شرط هذه الصفات)، ويجب أيضا خلع حظ النفس والذي يتصوره هؤلاء أنه الموافق للقواعد العلمية،
وإن وقع الخلاف القوي بين أهل العلم المذكورين، فينبغي إعمال المرجحات، ومنها اعتبار رأي الهيئات الجماعية، وتقديمه على آراء الأفراد واستحساناتهم الشخصية (وإن كانوا من الطلاب النبغاء) ...
وأخيرا أقدر لكم هذه الحمية - وإن كانت لكبيرة عن المعتاد -، وكما أنني أستغفر اللهَ تعالى من بعض ما وقع في كلامي، مما يسيء ظاهره ولم أرده،
كما أنني ألحظ على (فضيلتكم) الحماس لآرائكم والتبرير المتقن لما ترونه، وقد ظهر هذا واضحا في موضوع (حقوق الطبع محفوظة/رقم 1)، ووأتمنى الرجوع إلى هذا الموضوع مستقبلا؛ لأستفيد منكم في الطرح التفصيلي ومناقشته بحيثياته.
وللحديث بقية بعد إطلاعكم (يحفظكم الله تعالى) على هذه الفتاوى، وأشهد الله تعالى على عدم كتمان حق يظهر لي أثناء إفادتكم المنتظرة تعقيبا، عقب جلب الفتاوى المذكورة.
وبخصوص تصويبكم للجمع المذكور في كلمة (المجامع)، فأظن أن لها وجها، والله أعلم، ولست من أهل التخصص في العربية، وما زلت أحتاج الكثير، وسيأتي وقته إن شاء الله تعالى. فأرجو التأكيد على التصويب، لاسيما بعدما رأيتكم استخدمتم نفس اللفظة الملحونة على حد وصفكم.
وأدام الله تعالى عزكم.
¥