تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حديث الافتراق]

ـ[أبوحبيب2]ــــــــ[30 - 09 - 03, 11:50 م]ـ

[حديث الافتراق]

سلمان بن فهد العودة

1/ 8/1424

27/ 09/2003

هذا الحديث المشهور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- " لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلاَنِيَةً، لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِى النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي". ومدار كلام الأكثرين على هذا الحديث، بل لا يكاد يتكلم أحد في الخلاف إلا وذكره، وربما بالغ البعض وأكثروا من روايته وسياقه عند العوام وغيرهم، ممن لا يحيطون بهذا الحديث علماً ولا يدركون أبعاده، ولذلك أحببت أن ألقي الضوء على هذا الحديث:

- هذا الحديث لم يخرجه صاحبا الصحيح: البخاري ومسلم؛ وهذا بطبيعة الحال لا يعني عدم صحته، لكنَّ عدم تخريجهم له -والله أعلم- ربما لأنه يتقاصر عن شرطهم فيما يخرجونه من الأحاديث.

- الحديث رواه أحمد وأهل السنن من طرق، ومن العلماء من صححه أو حسنه كالترمذي، والحاكم، والذهبي، وابن تيمية، والشاطبي، وابن حجر وغيرهم، ومنهم من ضعفه كابن حزم وابن الوزير وغيرهم، ومذهب الأكثرين في ثبوت الحديث أقوى؛ فإن الحديث بمجموع طرقه ثابت، لكن لا يجب أن ينظر إليه وكأنه لم يرد في باب الاختلاف غيره.

1 - لدينا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلاَزِلُ وَالْقَتْلُ" وهذا حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والحاكم، عن أبي موسى وهو صحيح الإسناد؛ فهذا الحديث فيه إشارة إلى رحمة هذه الأمة، وأنه ليس عليها في الآخرة عذاب، وإنما عذابها في الدنيا.

2 - هذه الأمة هي أفضل الأمم عند الله -تبارك وتعالى- فهي بيقين قطعي بمحكمات الكتاب والسنة أفضل من الأمم السابقة، أفضل من أمم أهل الكتاب؛ من اليهود في زمانهم، ومن النصارى في زمانهم، ولذلك قال الله سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاس) [آل عمران:110]، وقال سبحانه: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) [البقرة:143]. والنصوص النبوية في ذلك متواترة مقطوع بها؛ فهذه الأمة هي أفضل الأمم، وينبغي ألا يفهم من الحديث أن الأمم السابقة أقل اختلافاً من هذه الأمة، وبالتالي هي أفضل أو أقل شراً.

3 - في الصحيحين، عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فِى قبة فقال: " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "أتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ"، وبذلك حكم النبي -صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة أن نصف من يدخلون الجنة هم من أتباعه عليه الصلاة والسلام.

4 - قد عفا الله -تبارك وتعالى- لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، كما في آخر سورة البقرة (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) [البقرة:286] وفي الحديث الصحيح: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". وهذا المعنى أيضاً في الجملة معنى مقطوع به متداول عند الفقهاء والأصوليين.

5 - رفع الله سبحانه وتعالى عن هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت على من كان قبلنا (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم) [الأعراف:157].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير