ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[04 - 10 - 03, 12:47 ص]ـ
هذا السؤال مع جوابه:
س2/ فضيلة الشيخ حفظك الله وسدد خطاك:
معرفة رجال الحديث لا يتقنه أي أحد بالجرح والتعديل، و لا يسيرعلى منهجه الصحيح إلا من وفقه الله تعالى لذلك، فأرشدنا حفظك الله للطريق الصحيح لهذا الدرب. وهل هو بسرد كتب الرجال؟ أم يعتمد ذلك على حفظ الأسانيد؟
أقول: (وبالله التوفيق) جزاك الله خيرا، وكم يسرنا أن نسمع من شبابنا اليوم مثل هذا السؤال الذي يدل على مدى اهتمامهم بالحديث وعلومه، وما يلاقونه في سبيل طلب العلم من حيرة، لقلة من يوجههم توجيها سليما.
أحب أن أذكرك بما يلي:
أولا: إن علم الجرح والتعديل ليس أساسا في التصحيح والتعليل، كما هو الشائع لدى الكثيرين، وإنما جاء هذا العلم بعد التصحيح والتعليل كنتيجة، لقد كان النقاد يستثمرون جهدهم في تصحيح الأحاديث وتضعيفها من أجل معرفة أحوال رواتها وتمييز الثقات من الضعفاء، وتصنيفهم في سلم الجرح والتعديل بدقة متناهية ليكون ذلك معولا عليه في التصحيح والتضعيف عند الضرورة؛ لذا ينبغي أن لا نتوجه مباشرة - قبل أن نعرف حالة الرواية من حيث التفرد والمخالفة والموافقة - نحو ترجمة كل من ورد في السند من الرواة، وهذا عمل غير منهجي، بل هو عمل مرهق دون فائدة تذكر.
ثانيا: على الباحث أن يستوعب القواعد والضوابط في ترجمة الرواة، التي ذكرها الشيخ عبد الرحمن المعلمي في الجزء الأول من كتابه التنكيل، ثم طبقها في نماذج كثيرة من تراجم الرواة، وكذلك ما ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرح العلل.
ثالثا: على الباحث أن يقوم قبل الترجمة بتخريج الحديث تخريجا علميا، ليمهد نفسه للمقارنة بين ما جمعه من المرويات لمعرفة مدى الموافقة بين رواة ذلك الحديث أو المخالفة أو التفرد، ثم يقوم بترجمة الراوي الذي خالف أو الذي تفرد بالحديث، مرتكزا على إبراز
الجوانب التي تقتضيها مناسبة البحث؛ من أهمها الصلة بين الراوي وبين شيخه، ومدى تميزه عن غيره من المحدثين الذين شاركوا معه في رواية ذلك الحديث، وينبغي للباحث أن لا يقتصر جهده على مختصرات المتأخرين؛ بل عليه أن يتتبع المصادر الأصيلة وما اختصره المتأخرون المحققون المدققون كالذهبي وابن حجر وغيرهما، عسى أن يجد فيها ما يساعده على معرفة سبب مخالفته لغيره أو تفرده بما لا يعرفه غيره، وقد يجد نصوص الأئمة صريحة في ذلك أو ما يساعده على فهمه واستنباطه.
كما ينبغي أن يحاول معرفة مخارج التوثيق والتجريح ومناسباتهما، وهذه أمور ينبغي التركيز عليها، وحينئذ تتهيأ نفسه تدريجيا لمعرفة ملابسات الرواية، وقرائنها، وفقه ترجمة الرواة.
هذا وقد شرحنا هذا الموضوع بشئ من التفصيل في كتابي (كيف ندرس علم تخريج الحديث).
أما حفظ الأسانيد فلا أنكر ما فيه من الفوائد، لكن بدون فقه التراجم فإن جهد الحفظ وفوائده تضيع.
وأما ترجمة كل من ورد في الإسناد بداية دون أن يتأمل في حال الرواية من حيث التفرد والمخالفة والموافقة - كما تعود عليه كثير من المعاصرين – ثم اهتمامه بنقل كل ما ورد في الترجمة من الأقوال فذلك كله يحول بحثه إلى نسخة جديدة من كتب التراجم، وبالتالي يفقد الباحث فرصة التركيز على ما يخدم موضوع بحثه من النقاط العلمية المهمة، والإجابة عما يبحث عنه القارئ. (والله أعلم).
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[04 - 10 - 03, 11:59 ص]ـ
بارك الله في الإخوة الكرام.
كلام الشيخ (وفقه الله) يفتح آفاقاً جديدة لمن تأمّله جيداً.
الأئمّة المتقدمون كانوا يبدؤون بـ: الحكم على الحديث.
وينتهون بـ: الحكم على رجال السند.
خلافاً لما يفعله المعاصرون من الانتهاء بالحكم على الحديث بناءً على درجات الرجال.
فالإمام مالك مثلاً إذا بلغه حديث لا يثبت عن الزهري، فإنه: لمعرفته بطريقة الزهري في الرواية وحفظه لأحاديثه وعلمه بتلامذته ومعرفته لأحاديث الباب ووجوده في عصر الرواية وغير ذلك من العوامل = يصدر حكماً على الحديث بالضعف ابتداءً.
ثم ينظر في السند ليرى من قد يكون المسؤول عن الخطأ في هذه الرواية.
فإذا تكرّر هذا من ذلك الراوي حكم عليه بالترك ... أو بعدم إتقان حديث الزهري ... إلخ.
أمّا المعاصرون: فإنهم يصدرون الحكم على الحديث بالضعف بسبب وجود راو ضعيف في سنده ... وكأن الضعيف لا يصيب أبداً!
وإذا رأوا السند كله ثقات حكموا على الحديث بالصحة ... وكأن الثقة لا يخطئ أبداً!
ولهذا فإن البحث في صحة الأحاديث وضعفها بطريق النظر في رجال السند واحداً واحداً ليس منهجاً صائباً في الحقيقة.
هذا معنى كلام الشيخ الذي فهمت، والله أعلم.
ـ[أبو نايف]ــــــــ[04 - 10 - 03, 02:29 م]ـ
لو فتح الباب بنقد المتن لهدمت سنة المصطفي صلي الله عليه وسلم
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[04 - 10 - 03, 03:29 م]ـ
الأخ أبو نايف
الفهم الفهم وفقك الله، ليتك تتأمل الكلام جيدا.
¥