لأنه خارج محل النزاع فهو يتكلم عن أخذ الحديث وعدم أخذه، ولم يتكلم عن الاحتجاج به وتصحيحه فليس معنى كلام ابن سيرين إن كان الراوي من أهل السنة فخذوا حديثه واحتجوا به وإن خالف وأخطأ!
وأما قول الأخ العسيري: (وتعليقك على كلام ابن سيرين عجيب، لم تخبرنا لم أخرج مسلم أثر ابن سيرين؟ هل كان يتكلم عن الجانب الديني دون الجانب العلمي؟)
أما عن الإمام مسلم فأراد به بيان أهمية الإسناد وأنه من الدين، وهذا لم ينكره أحد حتى نتكلم عن سبب إخراجه لهذا الأثر.
وأما مسألة الجانب الديني والعلمي، فلن أجيب عليك، ولكن سأجعلك تجيب بنفسك. قال ابن سيرين: (أهل البدع) فهل البدعة تمس العدالة الدينية أم الجانب العلمي من الحفظ والإتقان؟ أجب عن السؤال لتعلم هل تعليقي هو العجيب أم فهمك!
=====
ثانيا: أنكر البعض على الشيخ جعل علم الجرح والتعديل نتيجة للتصحيح والتعليل وليس أساسا له.
وقد نقلت قول الحاكم بأن علم الجرح والتعديل نتيجة وثمرة كما في تعقيبي السابق، فلماذا الإنكار وكثرة الشغب؟
ولزيادة التأكيد تعالوا لنقف على ما قاله الإمام مسلم في كتابه (التمميز 209) لنعرف ماذا ينتج من جمع الروايات ومقارنة بعضها ببعض:
قال رحمه الله:
(فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض:
1. يتميز صحيحها من سقيمها.
2. ويتبين رواة ضعاف الاخبار من أضدادهم من الحفاظ) ا. هـ
فبعد معرفة الصحيح من السقيم يتبين لنا حال الرواة.
وهذا هو الذي قاله الشيخ حمزة: (وإنما جاء هذا العلم بعد التصحيح والتعليل كنتيجة، لقد كان النقاد يستثمرون جهدهم في تصحيح الأحاديث وتضعيفها من أجل معرفة أحوال رواتها وتمييز الثقات من الضعفاء، وتصنيفهم في سلم الجرح والتعديل بدقة متناهية) وقال: (على الباحث أن يقوم قبل الترجمة بتخريج الحديث تخريجاً علمياً، ليمهد نفسه للمقارنة بين ما جمعه من المرويات لمعرفة مدى الموافقة بين رواة ذلك الحديث أو المخالفة أو التفرد)
وقد سأل الأخ العسيري سؤالا فقال: (وهناك سؤال مهم ما ثمرة سبره لحديثه … هل الثمرة هي أنه إذا وُقف على حديث خارج عما استُقرئ يسبر حديثه مرة ثانية؟ أم هذا دور؟ أم الحكم بالترك حتى ينفض الناس عنه؟ أم لا فائدة فيه أصلا، فهو غاية ونتيجة وثمرة وصلنا إليها وحسبنا، ونتركها هكذا حتى نملأ كتب الجرح والتعديل بما لا فائدة فيه ... )
الجواب موجود في كلام الشيخ حمزة ولعلك لم تقرأه، أو قرأته ولم تفهمه، أو فهمته ولكن تحب الشغب!
فالثمرة هي كما قال الشيخ (تصنيفهم في سلم الجرح والتعديل بدقة متناهية ليكون ذلك معولاً عليه في التصحيح والتضعيف عند الضرورة) فنستطيع الاستفادة من أحوال الرواة في الحكم على الحديث عند الضرورة (وهذه نقطة الخلاف الثالثة، وسيأتي التفصيل فيها).
وأيضا يمكن الإستفادة من ترجمة الراوي المنفرد أو المخالف بعد جمع الروايات، لعلنا نجد ما يساعدنا على معرفة سبب التفرد والمخالفة، وهل يحتمل تفرده أم لا. كما قال الشيخ حمزة: (ثم يقوم بترجمة الراوي الذي خالف أو الذي تفرد بالحديث، مرتكزا على إبراز الجوانب التي تقتضيها مناسبة البحث؛ من أهمها الصلة بين الراوي وبين شيخه، ومدى تميزه عن غيره من المحدثين الذين شاركوا معه في رواية ذلك الحديث ... عسى أن يجد فيها ما يساعده على معرفة سبب مخالفته لغيره أو تفرده بما لا يعرفه غيره، وقد يجد نصوص الأئمة صريحة في ذلك أو ما يساعده على فهمه واستنباطه، كما ينبغي أن يحاول معرفة مخارج التوثيق والتجريح ومناسباتهما، وهذه أمور ينبغي التركيز عليها، وحينئذ تتهيأ نفسه تدريجيا لمعرفة ملابسات الرواية، وقرائنها، وفقه ترجمة الرواة)
ولا معنى لقولك: (هل الثمرة هي أنه إذا وُقف على حديث خارج عما استُقرئ يسبر حديثه مرة ثانية؟ أم هذا دور؟) لأن الحكم على الراوي مبني على الغالب من حاله، قال ابن الصلاح: (يعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه) المقدمة \220
=====
¥