ثالثا: أنكر البعض على الشيخ قوله: (ليكون ذلك معولاً عليه – أي ظاهر الإسناد - في التصحيح والتضعيف عند الضرورة)
وقد بينت سابقا أن الضرورة تكون عند عدم توفر القرائن والملابسات الدالة على خطأ الراوي، ففي هذه الحالة يعوّل على ظاهر الإسناد، أما مع وجود قرائن تدل على خطأ الراوي فلا يقبل ذلك منه ولو كان هذا الراوي جبلاً في الحفظ لأنه غير معصوم من الخطأ.
وهذا هو منهج المحدثين في التعامل مع المرويات، فهذا الإمام مسلم قد اعتمد على ظاهر الإسناد وحكم عليه بالإتصال في حال الإبهام وعدم وجود القرائن الدالة على عدم الإتصال.
قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (باب الاحتجاج بالحديث المعنعن 1/ 30): (إن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه أو لم يسمع منه شيئا فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا فالرواية على السماع أبدا حتى تكون الدلالة التي بيّنا)
ففي حال الإبهام وعدم وجود القرائن يعوّل على الظاهر، فهذه هي حالة الضرورة التي قصدها الشيخ المليباري، وأيضا في حالة عدم وجود حكم لناقد من النقاد.
واسمع متى يعوّل الشيخ مقبل - رحمه الله - على ظاهر الإسناد، قال: (فإذا لم أجد لهم – أي للمتقدمين – كلاما حكمت على الحديث بظاهر السند) الشفاعة\23
وقصة ابن المبارك التي نقلها الأخ العسيري وفرح بها خير شاهد على هذا، فسؤال ابن المبارك عن الإسناد يدل على أن الحديث لم يسمعه من قبل ولا يعرف ملابساته وإلا لقال: (نعم هو حديث فلان عن فلان) ولكنه سأل عن الإسناد ليعرف علّة الحديث فوجده منقطعا.
=====
ملاحظة: انزعج بعض الإخوة من قول الشيخ: (كثير من المعاصرين)، ولكن ماذا نفعل أخي إذا كان هذا هو واقع كثير من المعاصرين، فلا يمكننا إنكاره، والشيخ لم يقل (كل المعاصرين) فهو لم يعمم.
وقد سبقه إلى ذلك الشيخ مقبل رحمه الله تعالى حيث قال (وهذا بخلاف الباحث العصري فهو لا يحكم إلا بما عنده من السند، فلا مقارنة بين باحث عصري وبين حافظ من المتقدمين) أحاديث معلة /186
ـ[أبو خليفة العسيري]ــــــــ[11 - 10 - 03, 11:55 ص]ـ
اختصارا لن أتكلم على تعليقاتك الهامشية وسأصب حواري في لب الموضوع، لأن المناقشة نقطة نقطة يبدو أنها تثير بعض النفوس وتحملها على الرد كيفما اتفق، مع تخلل عباراتهم كلمات من هنا وهناك لا داعي لها من أجل ......... !
على كل حال لا يهمني كلَّ ما ذكرتَ خارج الموضوع فالأمر سهل وهين، ولعلي استخدمت نفس أسلوبك في بعض العبارات، ولعل ذلك إذا حسنت النية من ملح الحوار، المهم هو فائدة الموضوع المطروح.
المواضيع التي تطرح في المنتديات للمناقشة وتكون منقولة من كتاب أو مقال أو شريط أو مذكرة .. إلخ، فليس من شروط مناقشتها الرجوع إلى مؤلفات صاحبها لفهم مقاصده وتفصيلات مجمله، خاصة إذا كان النقد متوجه حول أنها مجملة محتملة معنى خطأ، وقد بنيت حواري مع ظاهر كلام الاستاذ الذي نقله (هيثم حمدان) وفقه الله، ثم ما ذكره بعد ذلك أنه فهمه منه، وعموما في كلامِك وحوارِك بيَّنتَ أن ما ذكرتُ سواء كان قصد الاستاذ أو لم يكن قصد الاستاذ فهو خطأ، فبقي أصل الحوار قائما.
أخي (الدرع) الحديث الذي يسمعه الراوي من راو ضعيف هل الظاهر أنه ضعيف أي أنه لا يحتج به، أم ليس هناك جانب أرجح من جانب من جهة التصحيح والتضعيف، أو الإصابة أو الخطأ، ولا تنسى أن الكلام ليس فقط الوجادات وإنما يشمل المسموعات، في كل الطبقات، ومن عنده تفصيل لا يطلق ما أنكر عليه.
صحيحٌ أن الضعيف يروي الصواب أحيانا، بل الكذاب يصدق، لكن هل هذا يجعل الكفة متوازية؟ بحيث لا يكفي ظاهر إسناده لظهور حكم مبدئي لمن لم يعلم طرق الحديث ابتداءا، نعم بالتخريج والموازنة بين المرويات، يكتشف الخطأ والوهم والحفظ، فالحكم به أوثق، لكن هل معنى هذا أن رواية الضعيف أو الثقة متوقَّفٌ فيها كالمجهول الذي لا قرينة لحاله ترجّح قبول حديثه من رده.
¥