تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإنكار يصبُّ على القول بأنه (لا يمكن معرفة ذلك بحال الراوي قبل جمع الروايات ومعرفة حالة الرواية من حيث التفرد والمخالفة) وطبعا دون النظر إلى حال الرواة، وهذا القيد الذي ذكرتُ آنفا هو ما أناقش فيه وقد نفاه من نفاه قبل فَـ (الأئمة المتقدمون كانوا يبدؤون ب: الحكم على الحديث، وينتهون بِ: الحكم على رجال السند)، فقول مسلم (فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض يتميز صحيحها من سقيمها) لا يعني دون النظر إلى حال الرواة، كما لا يعني منع معرفة الباطل بدون جمع الروايات، وسئل طاوس: إن رجلا حدثني بكيت وكيت، قال: إن كان مليا فخذ منه _ أي ثقة في دينه _. (الجرح والتعديل 2/ 27).

إذا تُدبِّر ما سبق فالكلام على ما نقلته عن الخطيب لا زال قائما، وأن التصحيح والتضعيف لا يكون بدون النظر في مكانة الرواة حفظا ومنزلة في الإتقان والضبط، كما هو كلامه، والحوار إنما هو كما سبق وذكرت فيمن يقول يحكم تصحيحا وتضعيفا ثم ينظر في أحوال رجال السند هكذا مطلقا في كل حديث، ولست الآن بصدد أن هذا قصد الاستاذ أو ليس قصده، وأحب إليّ ألا يكون قصد الاستاذ، ولكني أحاور في كلام قد مضى في المشاركات.

أما كلامك عن أثر ابن سيرين الذي ساقه مسلم في مقدمة صحيحه فكنت تقول: (فابن سيرين يتكلم عن الجانب الديني وليس الجانب العلمي، ... )، ثم قلت: (فهو يتكلم عن أخذ الحديث وعدم أخذه، ولم يتكلم عن الاحتجاج به وتصحيحه،.)!

وقد قال العلائي في جامع التحصيل (ص58): ( .. وفي صحيح مسلم أيضا عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم، ......... وفي صحيح مسلم أيضا عن عبدان قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، وعن العباس بن أبي رزمة قال سمعت عبد الله _ يعني ابن المبارك _ يقول: بيننا وبين القوم القوائم _ يعني الإسناد _. وعن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال قلت لعبد الله بن المبارك .... ) وذكر الأثر الأخير الذي سقته فيما مضى، ثم قال العلائي: (وهذه الآثار وغيرها متظافرة على اعتبار ما دل عليه الحديثان المتقدمان من التصريح بالإسناد، وإن ذلك شأن الرواية للحديث وطريق قبوله).

هذا ما فهمه العلائي، ولا معنى لذكر الإسناد إلا النظر في حال رجاله.

وقال العلائي في جامع التحصيل (ص69): (وقول ابن سيرين: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم)، قلت: لأن المبتدعة كذبت أحاديث كثير تشيد بها بدعتها، قال ابن عباس رضي الله عنه لما بلغه ما وضعه الرافضة من أهل الكوفة على علي رضي اله عنه: (قاتلهم الله أي علم أفسدوا) رواه مسلم في مقدمة صحيحه أيضا. قال الإمام الشافعي رحمه الله: كان ابن سيرين وعروة بن الزبير وطاووس وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلوا الحديث إلا عن ثقة يعرف ما يروي ويحفظ، وما رأيت أحدا من أهل الحديث يخالف هذا المذهب ... ) وهذا عين ما ذكرت في مقصوده من ذكر أهل البدع، وهو رد حديثهم لغلبة الكذب عليهم.

وهل هذا السياق مع سابقه في الجانب الديني، أو يتكلم عن الأخذ وعدمه دون الاحتجاج والرد؟ وهو يسوق ما يسوق ردا للمرسل، أي ردا للاحتجاج به، لا ردا لأخذه وكتابته، ثم هب أنّا قلنا في الجانب الديني ألا ترى ابن سيرين وهو يقول: (كان يقال إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها) _ أنا أعرف أنك لا تقصد هذا المعنى _، وعلى كل الأحوال كلامه في رد وقبول الحديث، ومن ساقه من الأئمة ذكر الموضوعات والكذب وغير ذلك من قِبل أهل البدع، فهل هذا في الأخذ والكتابة دون الاحتجاج والرد والتضعيف.

والقول (أهمية الإسناد وأنه من الدين) ما معناه؟ أن ذكره تعبّد أم ماذا؟

أما ابن المبارك صاحب القول فقد قال: (لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)، وقال عبدان الراوي عنه _ كما في أدب الإملاء لابن السمعاني (1/ 7) _: ذكر _ يعني ابن المبارك _ هذا ثم ذكر الزنادقة وما يضعون من الأحاديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير