رابعاً: استحباب الصلاة في النعال:
من السنن المهجورة الصلاة في النعلين، وقد تواتر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلى في نعليه، وثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بالصلاة في النعلين، فقد سئل أنس بن مالك – رضي الله عنه -:"أكان – صلى الله عليه وسلم – يصلي في نعليه؟ قال: نعم" [8]،وقال – صلى الله عليه وسلم -:"خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" [9]
قلت: الصلاة بالنعال مشروعة ولكن ينبغي على المرء أن لا يصلي في نعاله في حالتين:
الحالة الأولى: إن أدت الصلاة في النعال إلى مفسدة أو خصام و تنافر للقلوب بين المصلين، فإنه من الأفضل عدم الصلاة في النعال إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد،،فينبغي على المرء فعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف، خاصة إذا كان غير مطاع في قومه،والتأليف بين القلوب مصلحة راجحة على مصلحة الصلاة في النعلين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:"لذلك استحب الأئمة كأحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل، إذا كان فيه تأليف المأمومين، مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل، بأن يسلم في الشفع، ثم يصلي ركعة الوتر، وهو يؤم قوماً لا يرون إلا وصل الوتر، فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل، كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتم للصلاة خلفه، وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل، أو الجهر بها، وكان المأمومون على خلاف رأيه" [10]
الحالة الثانية: ألا يكون المسجد مفروشاً بالسجاد،قال الشيخ الألباني – رحمه الله -:"وقد نصحت إخواننا السلفيين بالمدينة الذين يعرفون بسكان الحرة أن لا يتشددوا في هذه المسألة – أي الصلاة بالنعال في المساجد – لما هناك من فارق بين المساجد اليوم المفروشة بالسجاد الفاخر، وبين ما كان عليه المسجد النبوي في زمنه الأول، وقد قرنت لهم ذلك بمثل من السنة في قصة أخرى ذكرتهم بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد أمر من بادره بالبصاق أو المخاط وهو يصلي أن يبصق عن يساره أو تحت قدميه، وهذا أمر واضح أن هذا يتماشى مع كون الأرض أرض المسجد التي سيضطر للبصاق فيها من الرمل أو الحصباء، فاليوم المصلى مسجد مفروش بالسجاد فهل يقولون أنه يجوز أن يبصق على السجاد فهذه كتلك" [11]
خامساً: مشروعية المسح على النعال:
قال الألباني – رحمه الله -:"أما المسح على النعلين، فقد اشتهر بين العلماء المتأخرين أنه لا يجوز المسح على النعلين، ولا نعلم لهم دليلاً "
وقد صحح الترمذي المسح على الجوربين والنعلين، وحسنه من حديث هزيل عن المغيرة، وحسنه أيضا من حديث الضحاك عن أبي موسى،وصحح ابن حبان المسح على النعلين من حديث أوس، وصحح ابن خزيمة حديث ابن عمر في المسح على النعال السبتية، وما ذكره البيهقي من حديث زيد بن الحباب جيد، وقال أبو بكر البزار: ثنا إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر: كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما، ويقول: كذلك كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يفعل وصححه ابن القطان.
وقال الألباني – رحمه الله -: وإذا عرفت هذا، فلا يجوز التردد في قبول هذه الرخصة بعد ثبوت الحديث بها ... لا سيما بعد جريان عمل الصحابة بها، وفي مقدمتهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – كما تقدم، وهو مما ذهب إليه بعض الأئمة من السلف الصالح – رضي الله عنهم أجمعين" [12]
سادساً: كيفية تطهير النعلين لمن أراد الصلاة فيهما:
إذا أتى المرء إلى المسجد فعليه أن ينظر في نعليه فإن رأى فيهما وسخ أو أذى فليمسحهما في الأرض فإنه تطهير لهما، لقوله – صلى الله عليه وسلم -:"إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما" [13]
سابعاً: موضع النعلين إذا لم يصل فيهما:
إذا أراد المصلي أن يصلي في غير نعليه فإنه يضع نعليه تحت رجليه، أو عن يساره إن لم يكن عن يساره أحد، فإن كان عن يساره مصلي فيضعهما تحت رجليه، أو خلفه إن لم يكن خلفه أحد، ولا ينبغي للمصلي أن يضع نعليه عن يمينه أو قدامه اتباعاً لقوله – صلى الله عليه وسلم -:"إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه" [14]
¥