تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعادت أحاديث معاذ وأبي ثعلبة وعائشة إلى أنها حديث واحد، مآله إلى أنه كلام لمكحول الشامي!!!. وبذلك تعرفُ الخطأ الجسيم لمن اعتبر هذه الروايات روايات متعددة يَتَقَّوى بها الحديث.

ثالثاً: حديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم-قال: " يطّلع الله عز وجل إلى خَلْقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحنٍ وقاتل نفس " أخرجه الإمام أحمد (رقم 6642)، قال: " حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا حُيَي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِيّ، عن عبد الله بن عَمرو .. به.

ذكر هذا الإسناد الألباني – رحمه الله – في السلسة الصحيحة (3/ 136)، وقال: " هذا إسنادٌ لا بأس به في المتابعات والشواهد ".

ولعل هذا من الألباني – رحمه الله – لاعتماده على أن الحافظ بن حجر قال عن حُيَيّ بن عبد الله: " صدوق ..... "

ومع أن حُييّ هذا ممن اختُلف فيه، كما تجده في التهذيب (3/ 72)، فالأهم من ذلك أن أحاديث ابن لهيعة عنه بالإسناد المذكور آنفاً مناكير، كما بيّن ذلك ابنُ عدي في ترجمة حيي بن عبد الله في الكامل (2/ 450)، حيث ذكر بضعة أحاديث لابن لهيعة عن حُيَيّ عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عَمرو، ثم قال: " وبهذا الإسناد حدثناه الحسن عن يحيى عن ابن لهيعة بضعة عشر حديثاً عامتها مناكير ".

وابن عدي يُعلّق نكارة هذه الأحاديث بابن لهيعة، لإحسانه الظن بحُيي بن عبد الله.

وقد ذكر الألباني لابن لهيعة متابعاً، هو رشدين بن سعد، فلو سلم الإسناد إليه، فهو ضعيف، ولا يحتمل ضَعْفُهُ مثل هذا الحديث؛ هذا إن لم تكن نكارةُ الحديث من قِبَلِ شيخهما حُيي بن عبدالله! ثم إن ابن لهيعة قد اضطرب في هذا الحديث، فمرةً يرويه كما سبق، ومَرّةً يرويه من حديث أبي موسى الأشعري (سنن ابن ماجه رقم 1390، 1391) ومرّة يرويه عن عوف بن مالك (مسند البزار 7/ 186 رقم 2754) وقد ذكر الألباني – رحمه الله – اضطراب ابن لهيعة هذا، في السلسة الصحيحة (رقم 1563) والغريب أن حديث ابن لهيعة المشار إليه أخيراً مرويٌّ من طريق كثير بن مُرّة الحضرمي، وقد سبق بيانُ أنّ أحدَ طرق حديث مكحول ترجع إلى أنه من حديثه عن كثير بن مُرّة فهل نعود إلى أن حديث ابن لهيعة يعود إلى حديث مكحول أيضاً؟! (وانظر السلسلة الصحيحة 3/ 137 - 138) هذا مع ما في حديث أبي موسى وعوف بن مالك من العلل الأخرى الإسنادية سوى اضطرابه المشار إليه.

وبهذا كله يتضح أنّ هذه الطرق شديدة الضعف غير صالحةٍ للتقوَّي.

رابعاً: حديث أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " ينزل الله – عز وجل – ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لكل شيء إلا الإنسان في قلبه شحناء، أو مشرك بالله " أخرجه البزار (1/ 157 - 158، 206 - 207 ورقم 80)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 325 - 327 رقم 200)، من طريق ضعّفها جمعٌ من أهل العلم، منهم البخاري، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، وابن عدي، والبزار، وغيرهم – انظر التاريخ الكبير للبخاري (5/ 424 - 425) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 306 - 307) والضعفاء للعقيلي (3/ 788 - 789)، والكامل لابن عدي (5/ 309).

ولا يظنّنّ أحدٌ أن ابن خزيمة قد صححه بإخراجه في (التوحيد) الذي اشترط فيه الصحة، فإن ابن خزيمة قد أشار إلى ضعفه بتعليقه الإسناد أوّلاً ثم بتأخير ذكر إسناده عقب إيراده للمتن، وهذا اصطلاحٌ له في كتابه الصحيح والتوحيد ذكره هو عن نفسه في التوحيد (2/ 637)، ونص عليه الحافظ ابن حجر في مواضع من إتحاف المهرة (2/ 365 رقم 1905) ومن بين أحكام العلماء على هذا الإسناد حُكْمُ ابن عدي عليه بأنه منكر، والمنكر من أقسام الحديث الشديد الضعف الذي لا يصلح للتَّقوَّي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير