تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ج - النّسب: ويشترط عند جمهور الفقهاء أن يكون الإمام قرشيّاً لحديث: «الأئمّة من قريشٍ» وخالف في ذلك بعض العلماء منهم أبو بكرٍ الباقلّانيّ، واحتجّوا بقول عمر:" لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيّاً لولّيته "، ولا يشترط أن يكون هاشميّاً ولا علويّاً باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة، لأنّ الثّلاثة الأول من الخلفاء الرّاشدين لم يكونوا من بني هاشمٍ، ولم يطعن أحد من الصّحابة في خلافتهم، فكان ذلك إجماعاً في عصر الصّحابة.

دوام الإمامة:

12 - يشترط لدوام الإمامة دوام شروطها، وتزول بزوالها إلاّ العدالة، فقد اختلف في أثر زوالها على منصب الإمامة على النّحو التّالي:

عند الحنفيّة ليست العدالة شرطاً لصحّة الولاية، فيصحّ تقليد الفاسق الإمامة عندهم مع الكراهة، وإذا قلّد إنسان الإمامة حال كونه عدلاً، ثمّ جار في الحكم، وفسق بذلك أو غيره لا ينعزل، ولكن يستحقّ العزل إن لم يستلزم عزله فتنةً، ويجب أن يدعى له بالصّلاح ونحوه، ولا يجب الخروج عليه، كذا نقل الحنفيّة عن أبي حنيفة، وكلمتهم قاطبةً متّفقة في توجيهه على أنّ وجهه: هو أنّ بعض الصّحابة رضي الله عنهم صلّوا خلف أئمّة الجور وقبلوا الولاية عنهم. وهذا عندهم للضّرورة وخشية الفتنة.

وقال الدّسوقيّ: يحرم الخروج على الإمام الجائر لأنّه لا يعزل السّلطان بالظّلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته، وإنّما يجب وعظه وعدم الخروج عليه، إنّما هو لتقديم أخفّ المفسدتين، إلاّ أن يقوم عليه إمام عدل، فيجوز الخروج عليه وإعانة ذلك القائم. وقال الخرشيّ: روى ابن القاسم عن مالكٍ: إن كان الإمام مثل عمر بن عبد العزيز وجب على النّاس الذّبّ عنه والقتال معه، وأمّا غيره فلا، دعه وما يراد منه، ينتقم اللّه من الظّالم بظالمٍ، ثمّ ينتقم من كليهما.

وقال الماورديّ: إنّ الجرح في عدالة الإمام، وهو الفسق على ضربين:

أحدهما ما تبع فيه الشّهوة، والثّاني ما تعلّق فيه بشبهةٍ. فأمّا الأوّل منهما فمتعلّق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات وإقدامه على المنكرات تحكيماً للشّهوة وانقياداً للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلاّ بعقدٍ جديدٍ. وقال بعض المتكلّمين: يعود إلى الإمامة بعودة العدالة من غير أن يستأنف له عقد ولا بيعة، لعموم ولايته ولحوق المشقّة في استئناف بيعته.

وأمّا الثّاني منهما فمتعلّق بالاعتقاد المتأوّل بشبهةٍ تعترض، فيتأوّل لها خلاف الحقّ، فقد اختلف العلماء فيها: فذهب فريق منهم إلى أنّها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، ويخرج منها بحدوثه لأنّه لمّا استوى حكم الكفر بتأويلٍ وغير تأويلٍ وجب أن يستوي حال الفسق بتأويلٍ وغير تأويلٍ. وقال كثير من علماء البصرة: إنّه لا يمنع من انعقاد الإمامة، ولا يخرج به منها، كما لا يمنع من ولاية القضاء وجواز الشّهادة.

وقال أبو يعلى: إذا وجدت هذه الصّفات حالة العقد، ثمّ عدمت بعد العقد نظرت، فإن كان جرحاً في عدالته، وهو الفسق، فإنّه لا يمنع من استدامة الإمامة. سواء كان متعلّقاً بأفعال الجوارح. وهو ارتكاب المحظورات، وإقدامه على المنكرات اتّباعاً لشهوته، أو كان متعلّقاً بالاعتقاد، وهو المتأوّل لشبهةٍ تعرض يذهب فيها إلى خلاف الحقّ. وهذا ظاهر كلامه (أحمد) في رواية المروزيّ في الأمير يشرب المسكر ويغلّ، يغزى معه، وقد كان يدعو المعتصم بأمير المؤمنين، وقد دعاه إلى القول بخلق القرآن.

وقال حنبل: في ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد اللّه قالوا: هذا أمر قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن - نشاورك في أنّا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه. فقال: عليكم بالنّكير بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعةٍ، ولا تشقّوا عصا المسلمين. وقال أحمد في رواية المروزيّ، وذكر الحسن بن صالح بن حيٍّ الزّيديّ فقال: كان يرى السّيف، ولا نرضى بمذهبه.

ما تنعقد به الإمامة:

تنعقد الإمامة بطرقٍ ثلاثةٍ، باتّفاق أهل السّنّة:

أوّلاً - البيعة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير