أعلامٌ يتحدّثون عن أمّهاتهم الفُضْلَيَات
ـ[جمال عزون]ــــــــ[08 - 10 - 03, 05:41 م]ـ
أعلامٌ يتحدّثون عن أمّهاتهم الفُضْلَيَات
قال الحافظ أبو زرعة ابن الحافظ العراقي في كتابه الذّيل على العبر 2/ 511 ـ وفيات سنة 783هـ:
" وماتت بظاهر القاهرة يوم الجمعة الحادي والعشرين من صفر والدتي أمّ أحمد عائشة بنت طُغاي العلائي تغمّدها الله برحمته، وجمعنا وإيّاها في دار كرامته، مطعونةً حاملاً ـ أي ماتت بالطّاعون والحمل ـ، فحصلت لها الشّهادةُ من وجهين، ولقّنها والدي ـ يعني زوجها الحافظ العراقي ـ رحمه الله سيّد الاستغفار، فقالته ثمّ ماتت عقبه. ودفنت قبل صلاة الجمعة ... وهي شابّةٌ جاوزت الثّلاثين بيسير، ومكثت في صحبة والدي أكثر من عشرين سنةً، وكانت سليمةَ الصّدر، حسنةَ العِشْرَة، حسنةَ الأخلاق، كثيرةَ الإحسان، وذهبت مع والدي إلى الشّام في رحلته الأخيرة إليها سنة 765هـ، وسمعتْ بدمشق على محمّد بن موسى ابن الشّيرجي جزء الأنصاري وعلى غيره، ولم تُحَدِّثْ، وحجّتْ أربعَ حجّاتٍ، وجاورت بالحرمين غير مرّة ".
فهذا نموذج صالح للأمّهات الخيّرات، والزّوجات الفاضلات، أمّ أحمد زوجة الحافظ العراقي صاحب الألفيّة والتّقيييد والإيضاح وغيرهما، ووالدة الحافظ أبي زرعة العراقي صاحب التّقريب وذيل العبر، فارقته والدتُه وقد جاوز العشرين عاما بقليل، ولم يمتّع بوالدته كثيراً، وكأنّنا به اشتاق إلى أمّه الحنون، ونراه مبتهلا إلى ربّه قائلا: " جمعنا وإيّاها في دار كرامته "، وتأمّل حسن عشرتها لزوجها الحافظ العراقي حيث مكثت معه أزيد من عشرين عاماً، رأى منها سلامة صدر فلا تحمل غلاّ للمسلمات، وحسن عشرة بالمعروف لزوجها الإمام صاحب المصنّفات، وجمال أخلاق وأعظم بها مرتبة تنال بها الدّرجات، وكثرة إحسان تقرّبا إلى ربّ البريّات، واشتغال بالحديث وسماعه على الأعلام بالأسانيد العاليات، وتكرار لحجّ بيت الله الحرام أربع حجّات، وتأمّل ذاك المشهد الرّهيب وأمّ أحمد تفارق الزّوج والذّريّات، مقبلةً على الله بارىء النّسمات، ويذكّرها زوجها العالم الصّالح بالشّهادة والاستغفار من الزّلاّت، فتستجيب الزّوجة الصّالحة وتوفّق إلى النّطق بتلك الكلمات النّيّرات. فرحم الله هذا الرّعيل الطّيّب من الأمّهات، وجمعها مع زوجها وولدها أبي زرعة في أعلى الجنّات، وجعلها نموذجا صالحا يقتدي به الأمّهات والزّوجات والأخوات.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[09 - 10 - 03, 12:40 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
الأخ الشيخ / جمال وفقه الله ونفع به
موضوع رائع جداً
ومن ثناء الأزواج على أزواجهم، ما حكاه الذهبي رحمه الله عن الإمام احمد رحمه الله مع أهله، قال:
" قال الخلال سمعت المروذي سمعت أبا عبد الله ذكر اهله فترحم عليها وقال مكثنا عشرين سنة ما اختلفنا في كلمة " السير (11/ 332)
فأين الأزواج ليقتدوا، ويستوصوا بالنساء خيراً.
والله أعلم
ـ[جمال عزون]ــــــــ[09 - 10 - 03, 07:46 م]ـ
أعلام يتحدّثون عن أمّهاتهم وزوجاتهم الفضليات
الحمد لله وليّ المتّقين، والصّلاة والسّلام على رسول ربّ العالمين، وعلى آله وأصحابه وأزواجه الغرّ الميامين.
أمّا بعد:
فهذه قصيدة نافعة جدّا نظمها العالم المؤرّخ أبو شامة المقدسيّ عام 655هـ في زوجته الدّيّنّة الصّالحة الأندلسيّة أمّ أحمد ستّ العرب ابنة شرف الدّين محمّد بن عليّ بن دنو القرشي العبدري الأندلسي المرسي، يعددّ فيها النّاظمُ أخلاقاً رفيعةً، وصفاتٍ بديعة، وشِيَماً رائعة، في زوجته المذكورة، ولا شكّ أنّ أبا شامة كان يهدف من خلال هذا النّظم توجيه المرأة المسلمة إلى مثل هذه الفضائل التي تتكوّن من خلاله أسرة مسلمة صالحة، تسودها طاعة الله والانقياد لأوامره، كما أنّها نموذج فريد للزّوجة الصّالحة التي بلغت الذّروة في طاعة الزّوج وخدمته، وجمعت إلى ذلك أخلاقا أشاد بها حقّا مؤرّخنا الكبير، وقد ذكر هذه القصيدة الرّائعة في كتابه الماتع: " ذيل الرّوضتين " ـ حوادث سنة 566هـ، وقد بذلتُ جهدي في ضبطها، سائلاً المولى أن ينفع بها القرّاء الكرام، وإلى القصيدة:
تَزَوَّجْتُ مِنْ أولادِ دِنْوٍ عَقيلَةً ......... بها مِنْ خِصَال الخَيْرِ مَا حَيَّرَ العَقْلاَ
¥