الحساب هنا يقولون: لا يعمل بالرؤية ألبتة لأنها رؤية عين تخالف الحساب اليقيني ..
وأحب التعليق بعبارة واحدة قلتها لأحد الفلكيين في بلادنا، وهو من المتتبعين للرؤية منذ عشرات
السنين مع مقارنتها بالحساب الفلكي، ودرس الفلك على الطريقة القديمة (طريقة المتون) وجدد
دراستها بالطريقة الحديثة حتى صار يتعامل مع أجهزة الحاسب والبرامج المختلفة في أبحاثه
الفلكية ...
قلت له: أنا لن أتحدث عن ظنية أو يقينية حساباتك الفلكية، بل يمكنني أن أقول إنني أومن أن ما
تحسبه يقين، ولكن هذا اليقين الذي تفخر به لا يعتمده الشرع ولا يعتبره، ولو كان عندك شرح
آخر لحديث النبي صلىالله عليه وسلم (نحن أمة ... ) فاتني به ... فما نطق.
طبعا الحديث واضح المعالم، والذي قال عنه إنه صريح وتأوله تأويلا بعيدا يحتاج أن يعيد النظر
فيه ثانية، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن الكلام عن الأمة بالكلام عن عد الشهور
بقول: هكذا وهكذا وهكذا ... فلو كان الحديث يتحدث عن حالة أو واقع معين فلماذا قال: نحن أمة،
ولماذا بين طريقة الحساب السهلة عند هذه الأمة؟؟؟
الحساب كان معروفا عند العرب، ومنهم من درس الفلك، وليأتنا الأخ محمد الأمين بدليل واحد
أن الرسول صلىالله عليه وسلم قصد بالذين يحسبون: اليهود، دون غيرهم ... الرسول قال:
لا نحسب، لأن الحساب كان موجودا ومعروفا، وكان من قبائل العرب من يعبدون الشعرى
اليمانية ويعرفون منازلها، ومثل هذه المعرفة كافية في جعلهم يغوصون في حساب الأهلة ويتخصصون
فيها، خاصة أن العرب لم توافق الأمم الأخرى في الحساب الشمسي، والرسول صلى الله عليه وسلم
أهدر هذا كله ولم يجعل له في ميزان الشرع حسابا، فقال: لا نحسب، أي في عد الشهور القمرية،
وبعض الأخوة فهم من كلمة (الحساب) في القرآن أنه الحساب الفلكي، وليس كذلك، بل المراد بالحساب
في القرآن هو العد، أي عد الشهور والأيام والسنين وليس حساب المعادلات ولو كنا متعبدين بذلك
لكان علم الفلك علما من العلوم الشرعية لأنه ورد الحض عليه في القرآن الكريم (كما يدعي بعض
الظرفاء هنا) ...
وأهل الحساب هنا يحتاج إلى الإجابة عن أسئلة مهمة في سياق اعتمادهم على الحساب الفلكي سواء
في النفي فقط أو الإثبات والنفي معا وهي:
1 - لو كان التعويل على الحساب الفلكي في حالة الإثبات لازما فهل يجب تعلم الحساب الفلكي؟؟؟
2 - لو لم تتعلمه الأمة أو وجد في قطر أو مصر من لم يتعلمه واعتمد على مجرد الرؤية هل يأثم؟؟؟
3 - لو أثبت الحساب الفلكي (بدقة تقريبية كما يعبر محمد الأمين) أن الرؤية تستحيل في الوقت
الفلاني والمكان الفلاني، وأطبق الجم الغفير على رؤية الهلال في ذاك المكان وذاك الوقت (وهو
افتراض واحتمال جائز الوقوع) فهل تهدرون رؤية الجم الغفير وتعملون بالحساب الفلكي؟؟؟؟؟
أنا أقترح تحديد الزاوية (جعلها حادة)، لنسلم أن الحسابات الفلكية يقينية (مع في ذلك نظر) فهل
الشرع اعتبر هذه الحسابات حتى ولو كانت هي الحق؟؟؟
الجواب: لا ... يعني شرعا: لو أثبت الرؤية عدل أو عدلان، ونفاها الحساب فالشرع يعمل بقول
الرائي ... مع أن الحقيقة الكونية أنه لا هلال .. نعم هذا حكم الشرع، كما أن حكم الشرع هو عدم
الاعتداد برؤية ثلاثة أنهم شاهدوا فلانا يزني بفلانة ويدخل هذا في ذاك وجاء الرابع وتردد بل شهد
باجتماع الرجل والمرأة ولكنه لم يشهد بدخول هذا في ذاك، ففي الحقيقة عند الثلاثة حصل الزنا
ولكن في ميزان الشرع لا يحكم بوقوعه ظاهرا بل ولا باطنا ... وهذا مطرد في الحكم الشرعي
الذي يعمل فيه بالبينة المستطاعة، والمعول عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أحكم
بنحو ما أسمع، فلعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر .. (أو كما قال صلى الله عليه وسلم).
والبينة المستطاعة هي التي يمكن التثبت منها عادة، أما لو جاءت بينة يعرفها البعض دون البعض
مثل أن يحكم الحساب بأن الشمس لم تغرب، أي لم يغب قرصها، ولكن شهد الشهود بغروبها بمقتضى
رؤيتهم البصرية، فمثل هذا لا يعول عليه قطعا مع أنه داخل فيما نمسيه الحقيقة المجردة التي لا تقبل
النقاش، نعم، ولكن الشرع أهدرها، تيسير على عموم الأمة، لأن الشرع لم يأت للخواص، بل أتى
¥