تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سؤال حول المباهلة إخواني بالله]

ـ[* أبو محمد *]ــــــــ[10 - 10 - 03, 02:19 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله إخواني بالله

لاحظت مناظرة بين أهل السنة والشيعة

وقد توقفت عند موضوع يعرف بالمباهلة

فما المقصود بالمباهلة؟ مع شيء من

التفصيل جزاكم الله خيرا

وفقكم الله

ـ[الرميح]ــــــــ[10 - 10 - 03, 07:27 ص]ـ

المباهلة في اللغة هي الملاعنة، أي الدعاء بإنزال اللعنة على الكاذب من المتلاعنَين، و البَهلةُ اللَعنة [انظر تحرير ألفاظ التنبيه: 1/ 247].

و هي مشروعة، لإحقاق الحق و إزهاق الباطل، و إلزام الحجة من أعرض عن الحق بعد قيامها عليه، و الأصل في مشروعيتها آية المباهلة، و هي قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) [آل عمران: 61].

و سبب نزول هذه الآية الكريمة هو ما كان من وفد نصارى نجران عند قدومهم المدينة و محاجتهم رسولَ الله صلى الله عليه و سلم بما يعتقدونه من الباطل في المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.

روى البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قوله: جاء العاقب و السيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يريدان أن يُلاعناه، فقال أحدُهُما لصاحبه: لا تفعل فو الله لئن كان نبياً فلاعنا لا تفلح نحن و لا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا و ابعث معنا رجلاً أميناً، و لا تبعث معنا إلا أميناً، فقال: (لأبعثن معكم رجلاً أميناً حق أمين) فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال: (قم يا أبا عُبيدة بن الجراح) فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (هذا أمين هذه الأمة).

و قد ذكر الحافظ ابن حجر [في الفتح:8/ 95] بعض ما يُستفاد من هذا الحديث، و من ذلك قوله: و فيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة، و قد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، و وقع ذلك لجماعة من العلماء. و مما عُرفَ بالتجربة أن من باهَل و كان مبطلاً لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة، و وَقَعَ لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة؛ فلم يقُم بعدها غير شهرين. اهـ.

قلتُ: و ليست مشروعية المباهلة خاصة بالنبي صلى الله عليه و سلم، بل هي له و لأمته من بعده، و مما يدخل في ما أمرنا بالتأسي به فيه من أمور الدين.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (إن السنة في مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله، و لم يرجعوا، بل أصروا على العناد، أن يدعوهم إلى المباهلة، و قد أمر الله سبحانه، بذلك رسوله صلى الله عليه و سلم، و لم يقُل: إن ذلك ليس لأمتك من بعدك. و دعا إليها ابنُ عمه عبد الله بن عباس، من أنكر عليه بعض مسائل الفروع، و لم يُنكر عليه الصحابة، و دعا إليه الأوزاعي سفيان الثوري في مسألة رفع اليدين، و لم يُنكَر عليه ذلك، و هذا من تمام الحجة) [زاد المعاد: 3/ 643].

و بهذا يتبين أن مباهلة أهل الباطل أمر مشروع، غير أنه لا يُصار إليه إلا مع الجزم بصحة ما عليه المباهل و صدقه فيه، و ترتب مصلحة شرعية على المباهلة كإحقاق الحق، و إقامة الحجة، و ليس الانتصار للنفس أو الغضب لغير الله، أو لأمر من أمور الدنيا.

و نظراً لخطورة الدعوة إلى المباهلة أو قبول الدعوة إليها فالأولى عدم التوسع في هذا الباب، و الاحتراز مما قد يترتب على المباهلة من مفاسد كتعلق العوام بأحد المتباهلين، أو إظهار باطل لم يكن ليظهر لولاها، أو إصابة المباهل الصادق بالرياء أو غير ذلك من المفاسد.

جاء في شرح قصيدة ابن القيم [1/ 37]: (و أما حكم المباهلة فقد كتب بعض العلماء رسالة في شروطها المستنبطة من الكتاب و السنة و الآثار و كلام الأئمة، و حاصل كلامه فيها أنها لا تجوز إلا في أمر مهم شرعاً وقَع فيه اشتباه و عناد لا يتيسر دفعه إلا بالمباهلة، فيُشتَرط كونها بعد إقامة الحجة و السعي في إزالة الشبه و تقديم النصح و الإنذار و عدم نفع ذلك و مساس الضرورة إليها).

هذا و الله المستعان، و بالله التوفيق.

كتبه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير