مع أن قوله: "وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة" إنما يدل على توسل آدم وذريته به يوم القيامة، وهذا هو التوسل بشفاعته يوم القيامة، وهذا حق كما جاءت به الأحاديث الصحيحة حين تأتى الناس يوم القيامة آدم ليشفع لهم فيردهم آدم إلى نوح، ثم يردهم نوح إلى إبراهيم وإبراهيم إلى موسى وموسى إلى عيسى، ويردهم عيسى إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كما قال: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائى يوم القيامة، ولا فخر)).
ولكنها مناقضة لمذهب مالك المعروف من وجوه:
أحدها: قوله: " أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله وأدعو؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم؟
فان المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين أن الداعي إذا سلم على النبى ثم أراد أن يدعو لنفسه، فإنه يستقبل القبلة، ويدعو فى مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه
بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والدعاء له.
هذا قول أكثر العلماء كمالك فى إحدى الروايتين، والشافعى، وأحمد وغيرهم.
وعند أصحاب أبى حنيفة: لا يستقبل القبر وقت السلام عليه أيضاً،
ثم منهم من قال: يجعل الحجرة على يساره، وقد رواه ابن وهب عن مالك، ويسلم عليه.
ومنهم من قال: بل يستدبر الحجرة، ويسلم عليه، وهذا هو المشهور عندهم.
ومع هذا فكره مالك أن يطيل القيام عند القبر ... -إلى أن قال -رحمه الله-: -
فدل ذلك على أن ما في الحكاية المنقطعة من قوله: " استقبله واستشفع به" كذب على مالك، مخالف لأقواله، وأقوال الصحابة والتابعين، وأفعالهم التي يفعلها مالك وأصحابه ونقلها سائر العلماء.
إذ كان أحد منهم لم يستقبل القبر للدعاء لنفسه فضلاً عن أن يستقبله ويستشفع به؛ يقول له: يا رسول الله، اشفع لي أو ادع لي أو يشتكى إليه مصائب الدين والدنيا، أو يطلب منه أو من غيره من الموتى من الأنبياء والصالحين، أو من الملائكة الذين لا يراهم: أن يشفعوا له، أو يشتكى إليهم المصائب،
فإن هذا كله من فعل النصارى، وغيرهم من المشركين، ومن ضاهاهم من مبتدعة هذه الأمة، ليس هذا من فعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ولا مما أمر به أحد من أئمة المسلمين، وإن كانوا يسلمون عليه إذ كان يسمع السلام عليه من القريب ويبلغ سلام البعيد ... ] إلخ كلامه -رحمه الله- في إبطالها فراجعه فإنه مهم.
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[24 - 06 - 02, 08:15 م]ـ
9/ قال: [ثم يرد عليه ما ادَّعاه من كراهية مالك لاستقبال قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند الدعاء بأن كُتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر واستقباله، مع مسِّ القبر بيده.].
الجواب:
رد الزرقاني على شيخ الإسلام باطل.
لأن شيخ الإسلام ذكر الكراهة عن مالك وعن تلامذته لم يذكره عن جميع المالكية.
ومعلوم أن كثيراً من المالكية خالفوا الإمام مالك في مسائل فقهية وعقدية بل جمهور متأخرة المالكية أشاعرة منحرفون في الاعتقاد بخلاف ما عليه الإمام مالك وتلامذته.
فكلام الزرقاني عن المالكية المخالفين لإمامهم فيما نص عليه من تحريم مس القبر باليد، وإطالة الوقوف عند القبر، ونحو ذلك.
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[24 - 06 - 02, 08:16 م]ـ
10/ قال: [ويقول: وإلى هذا ذهب الشافعي والجمهور، ونُقل عن أبي حنيفه.].
الجواب:
عجيب تعليق الزرقاني هذا!
فإن شيخ الإسلام حكى عن مالك في رواية وعن الشافعي وأحمد أنهم يستحبون استقبال القبر عند السلام، واستقبال القبلة عند الدعاء، وحكى عن أصحاب أبي حنيفة أنه لا يستقبل القبر وقت السلام.
والرواية الأخرى عن مالك أنه يجعل الحجرة عن يساره فيستقبل القبلة ويسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[24 - 06 - 02, 08:20 م]ـ
11/ قال: [قال ابن الهُمام: وما نقل عنه أنه يستقبل القِبْلَة مردود بما روي عن ابن عمر: من السُّنة أن يَسْتَقْبِل القبر المكرَّم، ويجعل ظهره للقِبْلَة، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وقول الكرماني: مذهبه خلافه ليس بشيء؛ لأنه حي، ومن يأتِ الحي إنما يتوجَّه إليه.].
الجواب:
¥