تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[13 - 10 - 03, 01:27 ص]ـ

بم تحل الحائض لزوجها؟

اختلف الفقهاء في حكم المرأة إذا انقطع دم حيضها ولمّا تغتسل بعدُ من الحيض، هل يحل لزوجها أن يطأها؟ أم لا يحل له ذلك حتى تغتسل؟ وقد كان لتنوع القراءات أثر في هذه المسألة، وذلك أن القراءات تنوعت في قول الله تعالى: (يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين) (3) فقرأ ابن كثير و نافع و أبو عمرو و ابن عامر و حفص عن عاصم، ويعقوب وأبو جعفر و الحسن و اليزيدي (يطهرن) بسكون الطاء و ضم الهاء المخففة، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر، و حمزة و الكسائي و خلف و ابن محيصن و الأعمش (يطهرن) مشددة الطاء و الهاء مفتوحة (4) و أكثر الفقهاء على: أن المرأة إذا انقطع حيضها لا يحل لزوجها مجامعتها إلا بعد أن تستعمل الماء و هذا قول مالك والأوزاعي* و الشافعي و الثوري و أحمد بن حنبل (5)، و المشهور عند أبي حنيفة: أنه إذا انقطع دمها لأقل من عشرة أيام فهي في حكم الحائض حتى تغتسل إذا كانت واجدة للماء أو يمضي عليها وقت الصلاة، فإذا كان أحد هذين خرجت المرأة من الحيض و حل لزوجها وطؤها و انقضت عدتها إن كانت آخر حيضة، و إذا كان عدد أيام حيضها عشرة ارتفع حكم الحيض بمضي العشرة و جاز وطؤها و تكون في حكم المرأة الجنب يباح وطء زوجها لها و تنقضي عدتها، و سبب التحديد بعشرة أيام أنها أكثر الحيض عند الأحناف (6)،و قال ابن جرير الطبري: اختلف في التطهر الذي عناه الله تعالى ذكره فأحل له به جماعها، فقال بعضهم هو الاغتسال بالماء و لا يحل لزوجها أن يقربها حتى تغسل جميع بدنها، وقال يعضهم: هو الوضوء للصلاة، و قال آخرون: بل هو غسل الفرج فإذا غسلت فرجها فهو تطهرها الذي يحل لزوجها غشيانها (7)، و بالقول الثالث قال عطاء و قتادة، و خير ابن حزم في أي من هذه الثلاثة فقال: و كل ما ذكرنا يسمى في الشريعة و في اللغة تطهرا و طهرا فأي ذلك فعلت فقد تطهرت قال تعالى (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) (8) فجاء النص والإجماع بأنه غسل الفرج و الدبر بالماء (9)، و قال الشيخ الألباني**: و بالجملة فليس في الدليل ما يحصر معنى قوله عز وجل (فإذا تطهرن) بالغسل فقط، فشمل المعاني الثلاثة السابقة فبأيها أخذت الطاهر حلت لزوجها، و لا أعلم في السنة ما يتعلق بهذه المسألة سلبا أو إيجابا غير حديث ابن عباس مرفوعا: (إذا أتى أحدكم امرأته في الدم فليتصدق بدينار و إذا وطئها و قد رأت الطهر و لم تغتسل فلتصدق بنصف دينار) (10) و لكنه حديث ضعيف (11)


(1) شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 502
(2) انظر صفحة 22 من هذه الرسالة.
(3) البقرة: 222
(4) الإتحاف 157
(5) مختصر الخرقي21، المبدع في شرح المقنع 1/ 262، تفسير القرطبي 3/ 88
(6) أحكام القرآن للجصاص 1/ 348
(7) تفسير الطبري 2/ 385
(8) التوبة: 108
(9) المحلى 10/ 82
(10) أبو داود برقم (264)
(11) آداب الزفاف 129

* الأوزاعي شيخ الإسلام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الدمشقي الحافظ (88 - 157) حدث عن عطاء بن أبي رباح والزهري وحدث عنه شعبة وابن المبارك كان إمام أهل الشام في زمانه وظل أهل الشام والأنلس على مذهبه مدة. تذكرة الحفاظ 1/ 178

** محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني محدث العصر نشأ بألبانيا و رحل مع والده صغيرا إلى بلاد الشام فاستقر بها و عمل مدرسا للحديث الشريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة له مؤلفات مشهورة منها إرواء الغليل و سلسلة الأحاديث الصحيحة و الضعيفة توفي سنة 1420 عن عمر يقارب الثمانين عاما قضاها في خدمة السنة النبوية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير