[ما يجوز أكله وما لا يجوز للشيخ صالح اللحيدان]
ـ[الوسيط]ــــــــ[24 - 10 - 03, 07:04 ص]ـ
سمعتُ كثيراً عن الضبع والنيص والقنفذ وهي حيوانات لحمية مفترسة كل واحد منها بحسبه وكل صنف من هذه الثلاثة بريٌّ، والقنفذ والنيص يعيشان على الزواحف والأخير في بلاد اليمن يعيش على بعض الثمار.
وهما قريبا الشبه الا أن النيص أكبر حجماً وفي مؤخرته ما يشبه المكنسة من الشوك ينفشه عند استشعار الخطر، وقد يرسله على العدو هكذا قيل لي، وهو شرس ويصطاد بالحيلة خاصة قبيل الفجر الثاني، وسمعت من يأكله بشراهة، وعلل لي بعضهم أن لحمه يقوي الباءة، وينشط الجسم، وهو يتخذ الجحور سكناً، ومثله: القنفذ وصيده هين ويُسمى الدعلج في بعض المناطق من اليمن وهو منتشر، وقد يُباع للأكل في بعض بلاد شمال أفريقيا.
ولا يكاد يقدر عليه سبع لأنه ينحصر في قبة من الشوك مؤذية لكن الحداءة وهي طير بري كبير يحمله إلى الجو ثم يرسله بعد ذلك فيسقط ثم هو يموت فينفرش فتأكله الحداءة، قلت والحداءة من آكلات الجيف وليس فيها نفع للإنسان فليست كاسرة لكنها تفيد في تنظيف القفار من الجيف النافقة، وتأكل كل شيء وسمعتُ من يُسميها الجُلَيمَا فسبحان من أعطى كل شئ خلقه ثم هدى.
والضبع حيوان مُفترس مخطط بين صفرة وغبرة وهو حيوان شديد الصرعة خاصة إذا قبض بأسنانه أو اضراسه وهو من أشد الحيوان قوة وقوته في يديه و أسنانه وأضراسه، ولا يكاد يقدر على التفاتة كاملة لوجود عظم يرده عن ذلك وهناك من يُسميه الأعرج أو العرجاء، أو الحدباء، وهناك من يسميه المخطط.
وهي تأكل الجيف وتنبش القبور وعدوها ضعيف، لكن لا يكاد يجرؤ عليها حيوان لشراستها وشدة قطعها، ويستطيع الحاذق من أهل الصيد أن يمسكها من الخلف لكنه مهما كان لا يستطيع مطاولتها فهي حيوان غير كال.
ولم أر منها ولا الذئب أماناً يمكن أن يكون منهما حتى مع طول التربية لكنهما يفيدان في اللعب معهما حال السيرك لكن دوام إستئناسهما فيه ضرر، وبمناسبة الذئب وذكري له فقد قيل إن وجوده أو جلده أو شعره في البيت يطرد الجان وهذا لم يصح وقد كذبته المادة التجريبية.
وهذه الحيوانات الثلاثة الضبع والنيص والقنفذ لها مثيل في الصفة يوجد في جنوب أفريقيا وأوروبا ويوجد لها مثيل في اندونيسيا، والبرازيل لكنها ليست منها في الصفة الجلدية, والطبيعة.
قال ابن لحيدان: وقد كثر القول حول هذه الحيوانات هل هي حلال أو حرام وإني إن شاء الله تعالى مبين ذلك حسب علمي وأردفه بما يحتاجه مثل هذا المقام من طرحٍ يستدعيه القول ولا بد:
فأقول قد ورد عن ابن أبي عمار قال:
قلت لجابر رضي الله عنه: الضبع صيد هي؟
قال نعم،
قلت: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: نعم, رواه احمد والأربعة وصححه البخاري وابن حبان (1).
فهذا نص صحيح يجوز أكل الضبع ولعل العلة هنا بجانب كونها تعبدية بجانب كونها كذلك، فالضبع حيوان ماضغ جيد الهضم لا يبقي ما له سوء من عفن أو جراثيم، وان كان ذا ناب فإباحته جاءت بنص خاص لم يقيد بمقيد بين متأخر كما انه لم يخصص ولم ينسخ حسب علمي.
وكونه مكروهاً من بعض الناس فمثله ككراهية الضب، وقد رأيتُ بعض الناس من يكره الضب جداً بل ينفر منه، ويهرب مع انه مباح (2).
والعرف والعادة والكراهية كلها لا تقدم ولا تؤخر مادام قد صح النص في شيء ما كما هي الحال عكساً.
وجاء عن القنفذ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما انه سُئل عن القنفذ فقال: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً قال شيخ عنده (3): سمعت أبا هريرة رضي الله عنه تعالى عنه يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها خبيثة من الخبائث.
قال ابن عمر: أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا: فهو كما قال أخرجه احمد وأبو داود (4) والذين يكرهون أكله إنما لشكله وكونه يأكل الزواحف السامة، وسمعت انه علاج لبعض الأمراض لكنني لم أتحقق من ذلك.
ولم أر أحدا أكله تضرر منه، وحدثني رجل تونسي انه مغرم به وله عنده طعم، وكذلك أناس من أهل اليمن، يقبلون عليه ولم يضرهم أكله، وجاء في حديث آخر عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه بجواز أكل الحمار الوحشي متفق عليه.
¥